كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

(قَوْلُهُ سُورَةُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ)
فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ سُورَةُ الْقَدْرِ قَوْلُهُ يُقَالُ الْمَطْلَعُ هُوَ الطُّلُوعُ وَالْمَطْلِعُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَعُ مِنْهُ قَالَ الْفَرَّاءُ الْمَطْلَعُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَبِكَسْرِهَا قَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَطْلَعَ بِالْفَتْحِ هُوَ الطُّلُوعُ وَبِالْكَسْرِ الْمَوْضِعُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ انْتَهَى وَقَرَأَ بِالْكَسْرِ أَيْضًا الْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَخَلَفٌ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ مَطْلَعًا وَمَطْلِعًا أَيْ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْلُهُ أَنْزَلْنَاهُ الْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ أَيِ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ قَوْلُهُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَمِيعِ وَالْمُنَزِّلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْعَرَبُ تُؤَكِّدُ فِعْلَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الْجَمِيعِ لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ قَالَ قَالَ مَعْمَرٌ وَهُوَ اسْمُ أَبِي عُبَيْدَةَ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَقَوله ليَكُون أثبت وأوكد قَالَ بن التِّينِ النُّحَاةُ يَقُولُونَ بِأَنَّهُ لِلتَّعْظِيمِ بِقَوْلِهِ الْمُعَظَّمِ عَنْ نَفْسِهِ وَيُقَالُ عَنْهُ انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا جَمْعُ التَّعْظِيمِ تَنْبِيهٌ لَمْ يَذْكُرْ فِي سُورَةِ الْقَدْرِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا وَيَدْخُلُ فِيهَا حَدِيثُ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصِّيَامِ قَوْلُهُ سُورَةُ لَمْ يَكُنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا سُورَةُ الْقَيِّمَةِ وَسُورَةُ الْبَيِّنَةِ قَوْلُهُ مُنْفَكِّينَ زَائِلِينَ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَوْلُهُ قَيِّمَةٌ الْقَائِمَةُ دِينُ الْقَيِّمَةِ أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِلَفْظِهِ وَأَخْرَجَ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ الْقَيِّمَةُ الْحِسَابُ الْمُبِينُ قَوْلُهُ

[4959] إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا كَذَا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ أَنَّ تَسْمِيَةَ السُّورَةِ لَمْ يَحْمِلْهُ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ قَتَادَةَ فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسَقَطَ بَيَانُ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ هَذَا مَا فِي هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ نَفْسِهِ مُطَوَّلًا وَلَفْظُهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِقِرَاءَتِهِ لَمْ يَكُنْ دُونَ غَيْرِهَا فَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ فِيهَا يَتْلُو صُحُفًا مطهرة وَفِي تَخْصِيصِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ التَّنْوِيهُ بِهِ فِي أَنَّهُ أَقْرَأُ الصَّحَابَةِ فَإِذَا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ كَانَ غَيْرُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ مَزِيدُ كَلَامٍ فِي ذَلِكَ

الصفحة 725