كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

(قَوْلُهُ سُورَةُ وَالْعَصْرِ)
الْعَصْرُ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ قَالَ الشَّاعِرُ وَلَنْ يَلْبَثَ الْعَصْرَانِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا طَلَبَا أَنْ يُدْرِكَا مَا تَيَمَّمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ الْحَسَنُ الْعَصْرُ الْعَشِيُّ وَقَالَ قَتَادَةُ سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ قَوْلُهُ وَقَالَ يَحْيَى الْعَصْرُ الدَّهْرُ أَقْسَمَ بِهِ سَقَطَ يَحْيَى لِأَبِي ذَرٍّ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ فَهَذَا كَلَامُهُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ خُسْرٍ ضَلَالٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ إِلَّا مَنْ آمَنَ ثَبَتَ هَذَا هُنَا لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّفَاسِيرِ الْمُسْنَدَةِ إِلَّا هَكَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ قَالَ إِلَّا مَنْ آمَنَ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا حَدِيث بن عُمَرَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صفة الصَّلَاة مشروحا قَوْلُهُ سُورَةُ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا سُورَةُ الْهُمَزَةِ وَالْمُرَادُ الْكَثِيرُ الْهَمْزِ وَكَذَا اللَّمْزُ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْهُمَزَةِ قَالَ الْمَشَّاءُ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِخْوَانِ قَوْلُهُ الْحُطَمَةُ اسْمُ النَّارِ مِثْلُ سَقَرَ وَلَظَى هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ قَالَ فِي قَوْله لينبذن أَي الرجل وَمَا لَهُ فِي الْحُطَمَةِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ كَقَوْلِهِ جَهَنَّمُ وَسَقَرُ وَلَظَى وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُقَالُ للرجل الأكول حطمة أَي الْكثير الحطم

(قَوْلُهُ سُورَةُ أَلَمْ تَرَ)
كَذَا لَهُمْ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا سُورَةُ الْفِيلِ قَوْلُهُ أَلَمْ تَرَ أَلَمْ تَعْلَمْ كَذَا لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَلِلْمُسْتَمْلِيِّ أَلَمْ تَرَ قَالَ مُجَاهِدٌ أَلَمْ تَرَ أَلَمْ تَعْلَمْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَلَمْ تُخْبَرْ عَنِ الْحَبَشَةِ وَالْفِيلِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدْرِكْ قِصَّةَ أَصْحَابِ الْفِيلِ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَوْلُهُ أَبَابِيلَ مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ أَبَابِيلَ قَالَ شَتَّى مُتَتَابِعَةً وَقَالَ الْفَرَّاءُ لَا وَاحِدَ لَهَا وَقِيلَ وَاحِدُهَا أَبَالَةٌ بِالتَّخْفِيفِ وَقِيلَ بِالتَّشْدِيدِ وَقِيلَ أُبُولٌ كَعُجُولٍ وَعَجَاجِيلٍ قَوْلُهُ وَقَالَ بن عَبَّاسٍ مِنْ سِجِّيلٍ هِيَ سَنْك وَكِل وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ سَنْك وَكِل طِينٌ وَحِجَارَةٌ وَقَدْ تقدم فِي تَفْسِير سُورَة هود وَوَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَن بن عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ هِيَ بِالْأَعْجَمِيَّةِ سَنْك وَكِل وَمِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ كَانَتْ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مَعَهَا نَارٌ قَالَ فَإِذَا أَصَابَتْ أَحَدَهُمْ خَرَجَ بِهِ الْجُدَرِيُّ وَكَانَ أول يَوْم رؤى فِيهِ الجدري

الصفحة 729