كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَقِيلَ الْمُعْجِزَاتُ وَقِيلَ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ وَقِيلَ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ وَقِيلَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ فِي أَمْرِ الْكَوْثَرِ وَهَلِ الْحَوْضُ النَّبَوِيُّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْله سُورَة قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)
وَهِيَ سُورَةُ الْكَافِرِينَ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا الْمُقَشْقِشَةُ أَيِ الْمُبَرِّئَةُ مِنَ النِّفَاقِ قَوْلُهُ يُقَالُ لَكُمْ دِينُكُمُ الْكُفْرُ وَلِيَ دِينِ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يَقُلْ دِينِي لِأَنَّ الْآيَاتِ بِالنُّونِ فَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا قَالَ يَهْدِينِ وَيَشْفِينِ هُوَ كَلَامُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبدُونَ إِلَخْ سَقَطَ وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَبِي ذَرٍّ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْفَرَّاءِ بَلْ هُوَ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد كَأَنَّهُمْ دَعَوْهُ إِلَى أَنْ يَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ وَيَعْبُدُونَ إِلَهَهُ فَقَالَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمُ الْآنَ أَيْ لَا أَعْبُدُ الْآنَ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِيَ أَنْ أَعْبُدَ مَا تَعْبدُونَ وتعبدون مَا أعبد انْتهى وَقد أخرج بن أبي حَاتِم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفَّ عَنْ آلِهَتِنَا فَلَا تَذْكُرْهَا بِسُوءٍ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَاعْبُدْ آلِهَتَنَا سَنَةً وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً فَنَزَلَتْ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو خَلَفٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى وَهُوَ ضَعِيفٌ تَنْبِيهٌ لَمْ يُورِدْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا وَيَدْخُلْ فِيهَا حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَقَدْ أَلْزَمَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ لَمَّا أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِهَا فِي الْعشَاء قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ لَيْسَ لَا يُرَاد هَذَا مَعْنًى هُنَا وَإِلَّا لَلَزِمَهُ أَنْ يُورِدَ كُلَّ حَدِيثٍ وَرَدَتْ فِيهِ قِرَاءَتُهُ لِسُورَةٍ مُسَمَّاةٍ فِي تَفْسِير تِلْكَ السُّورَة

الصفحة 733