كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَوْلُهُ فَمَا رُئِيَتُ بِضَمِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ فَمَا أَرَيْتُهُ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ قَوْلُهُ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ زَادَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنِّي أَيْ مِثْلَ مَا رَآهُ هُوَ مِنِّي مِنَ الْعِلْمِ وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَقَالَ أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ فَضْلَهُ قَوْلُهُ مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْح فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ قَوْلُهُ إِذَا جَاءَ نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالُوا فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ قَوْلُهُ وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَدْرِي أَوْ لم يقل بَعضهم شَيْئا قَوْله فَقَالَ لي أكذاك تَقول يَا بن عَبَّاس فَقلت لَا قَالَ فَمَا تَقول فِي رِوَايَة بن سعد فَقَالَ عمر يَا بن عَبَّاسٍ أَلَا تَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَعْلَمَهُ مَتَى يَمُوتُ قَالَ إِذَا جَاءَ قَوْلُهُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْح زَادَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَتْحُ مَكَّةَ قَوْلُهُ وَذَلِكَ عَلامَة أَجلك فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَهُوَ آيَتُكَ فِي الْمَوْتِ وَفِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَجَلٌ أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَوَهِمَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نعيت إِلَى نَفسِي أخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلَفْظِ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ ولِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ نُعِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسُهُ فَأَخَذَ بِأَشَدِّ مَا كَانَ قَطُّ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلِأَحْمَدَ من طَرِيق أبي رزين عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ عَلِمَ أَنْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفسه وَلأبي يعلى من حَدِيث بن عُمَرَ نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَعَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ وَسُئِلْتُ عَنْ قَوْلِ الْكَشَّافِ إِنَّ سُورَةَ النَّصْرِ نَزَلَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَكَيْفَ صُدِّرَتْ بِإِذَا الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ فَأَجَبْتُ بِضَعْفِ مَا نَقَلَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالشَّرْطُ لَمْ يَتَكَمَّلْ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ مَجِيءَ النَّاسِ أَفْوَاجًا لَمْ يَكُنْ كَمُلَ فَبَقِيَّةُ الشَّرْطِ مُسْتَقْبَلٌ وَقَدْ أَوْرَدَ الطِّيبِيُّ السُّؤَالَ وَأَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِذَا قَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى إِذْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة الْآيَةَ ثَانِيهِمَا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ قَدِيمٌ وَفِي كُلٍّ مِنَ الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى قَوْلُهُ إِلَّا مَا تَقُولُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ إِلَّا مَا تَعْلَمُ زَادَ أَحْمَدُ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِهِ فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ تَلُومُونَنِي عَلَى حُبِّ مَا تَرَوْنَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ حِينَئِذٍ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَذكر جَوَاب بن عَبَّاسٍ وَاسْتِنْبَاطَهُ وَتَصْوِيبَ عُمَرَ قَوْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ عُمَرَ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَكِنْ أَجَابُوا فِيهَا بِقَوْلِهِمْ الله أعلم فَقَالَ عمر قُولُوا نعلم أَولا نعلم فَقَالَ بن عَبَّاسٍ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَتَأْثِيرٌ لِإِجَابَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ التَّأْوِيلَ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِيهِ جَوَازُ تَحْدِيثِ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ هَذَا لِإِظْهَارِ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِيُنْزِلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ لَا لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْإِشَارَاتِ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمُهُ فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْ فَهْمًا يؤتيه الله رجلا فِي الْقُرْآن

الصفحة 736