كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

قَوْلُهُ سُورَةُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَر وَأَبُو لَهب هُوَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَأُمُّهُ خُزَاعِيَّةٌ وَكُنِّيَ أَبَا لَهَبٍ إِمَّا بِابْنِهِ لَهَبٍ وَإِمَّا بِشِدَّةِ حُمْرَةِ وَجْنَتِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ أَبَا لَهَبٍ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ يَتَلَهَّبُ مِنْ حُسْنِهِ انْتَهَى وَوَافَقَ ذَلِكَ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ مِنْ أَنَّهُ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَلِهَذَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ وَلِكَوْنِهِ بِهَا أَشْهَرُ وَلِأَنَّ فِي اسْمِهِ إِضَافَةً إِلَى الصَّنَمِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ تَكْنِيَةِ الْمُشْرِكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ مَحَلُّ الْجَوَازِ إِذَا لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ التَّعْظِيمَ لَهُ أودعت الْحَاجَةُ إِلَيْهِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَاحَى أَبَا لَهَبٍ فَقَعَدَ أَبُو لَهَبٍ عَلَى صَدْرِ أَبِي طَالِبٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِضَبْعَيْ أَبِي لَهَبٍ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ كِلَانَا عَمُّكَ فَلِمَ فَعَلْتَ بِي هَذَا وَاللَّهِ لَا يُحِبُّكَ قَلْبِي أَبَدًا وَذَلِكَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ لَوْ عضدت بن أَخِيكَ لَكُنْتَ أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ وَلَقِيَهُ فَسَأَلَهُ عَمَّنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِ فَقَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ دِينٍ فَغَضِبَ وَتَمَادَى عَلَى عَدَاوَتِهِ وَمَاتَ أَبُو لَهَبٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا بَلْ أَرْسَلَ عَنْهُ بَدِيلًا فَلَمَّا بَلَغَهُ مَا جَرَى لِقُرَيْشٍ مَاتَ غَمًّا قَوْلُهُ وَتَبَّ خسر تباب خسران وَقع فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْأَعْمَشِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ فَأَنْزَلَ الله تبت يدا أبي لَهب قَالَ يَقُولُ خَسِرَ وَتَبَّ أَيْ خَسِرَ وَمَا كَسَبَ يَعْنِي وَلَدَهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ قَالَ فِي هَلَكَةٍ قَوْلُهُ تَتْبِيبٍ تَدْمِيرٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تتبيب أَي تدمير وإهلاك

[4971] قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ مَعَ بَقِيَّةِ مبَاحث هَذَا الحَدِيث وفوائده

الصفحة 737