كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي التَّفْسِيرِ أَيْضًا وَبَيَانُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْإِشْكَالِ مِنْ قَوْلِهِ كَامِلَةً وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ نُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بعد عَامهمْ هَذَا الْآيَةَ كَانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَدَقَّقَ فِي ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَقَدْ ذكر بن إِسْحَاقَ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ قَالَ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا علىالحج فَقِيلَ لَوْ بَعَثْتَ بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَقَالَ اخْرُجْ بِصَدْرِ بَرَاءَةٍ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى إِذَا اجْتَمَعُوا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُحْرِزِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكُنْتُ أُنَادِي حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي الْحَدِيثَ وَمِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ يَشِيعَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ فِي الْحَجَّةِ قَالَ بِأَرْبَعٍ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَصَحَّحَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ هُنَا ذِكْرُ حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ الْوُفُودِ وَالْوَاقِعُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْوُفُودِ كَانَ بَعْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَمَا بعْدهَا بل ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ الْوُفُودَ كَانُوا بَعْدَ غَزْوَةِ تَبُوكَ نَعَمِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَانَ فِي سنة تسع قَالَ بن هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ كَانَتْ سَنَةُ تِسْعٍ تُسَمَّى سَنَةَ الْوُفُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَلُومُ بِإِسْلَامِهَا الْفَتْحَ الْحَدِيثَ فَلَمَّا كَانَ الْفَتْحُ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ كَمَا قَدَّمْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَسَيَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي تَقْدِيمِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَدْ سَرَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الْوُفُودَ وَتَبِعَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي السِّيرَة الَّتِي جمعهَا وَتَبعهُ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَمُغْلَطَايُ وَشَيْخُنَا فِي نَظْمِ السِّيرَةِ ومجموع مَا ذَكرُوهُ يزِيد على السِّتين قَوْله

[4365] وَفد بني تَمِيم أَي بن مر بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء بن أد بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة بن طابخة بموحدة مَكْسُورَة ثمَّ مُعْجمَة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَشْرَافَ بَنِي تَمِيمٍ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ الدَّارِمِيُّ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الدَّارِمِيُّ وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ السَّعْدِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ الْمَنْقَرِيُّ وَالْحُبَابُ بْنُ يَزِيدَ الْمُجَاشِعِيُّ وَنُعَيْمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِم الْمنْقري قَالَ بن إِسْحَاقَ وَمَعَهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَكَانَ الْأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ شَهِدَا الْفَتْحَ ثُمَّ كَانَا مَعَ بَنِي تَمِيمٍ فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ نَادَوْا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ وَرَاءِ حُجْرَتِهِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ الْحَدِيثَ وَقَدْ تقدم شَرحه فِي أول بَدْء الْخلق بَاب قَالَ بن إِسْحَاقَ غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ بَنِي الْعَنْبَرِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَأَغَارَ وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا وَسَبَى مِنْهُمْ سِبَاءً انْتَهَى وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ سَبَبَ بَعْثِ عُيَيْنَةَ أَنَّ بَنِي تَمِيمٍ أَغَارُوا عَلَى نَاسٍ مِنْ خُزَاعَةَ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ فِي خَمْسِينَ لَيْسَ فِيهِمْ أَنْصَارِيٌّ وَلَا مُهَاجِرِيٌّ فَأَسَرَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَثَلَاثِينَ صَبِيًّا فَقَدِمَ رُؤَسَاؤُهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ قَالَ بن سَعْدٍ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ

الصفحة 83