كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)
بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ أَكْثَرَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ قَوْلُهُ هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَحْسَنُ بَدَلَ أَخْيَرَ وَأَخْيَرُ لُغَةٌ فِي خَيْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِيَّةِ الْحِسِّيَّةِ مِنْ كَوْنِهِ أَشَدَّ بَيَاضًا أَوْ نُعُومَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْحِجَارَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ قَوْلُهُ جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ هُوَ الْقِطْعَةُ مِنَ التُّرَابِ تُجْمَعُ فَتَصِيرُ كَوْمًا وَجَمْعُهَا الْجُثَا قَوْلُهُ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ نَحْلُبُهَا عَلَيْهِ أَيْ لِتَصِيرَ نَظِيرَ الْحَجَرِ وَأَبْعَدَ من قَالَ المُرَاد بجلبهم الشَّاةَ عَلَى التُّرَابِ مَجَازُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ اللَّبَنِ قَوْلُهُ مُنْصِلُ بِسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِنَزْعِ الْحَدِيدِ مِنَ السِّلَاحِ لِأَجْلِ شَهْرِ رَجَبٍ إِشَارَةً إِلَى تَرْكِهِمُ الْقِتَالَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْزِعُونَ الْحَدِيدَ مِنَ السِّلَاحِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَيُقَالُ نَصَلْتُ الرُّمْحَ إِذَا جَعَلْتُ لَهُ نَصْلًا وَأَنْصَلْتُهُ إِذَا نَزَعْتُ مِنْهُ النَّصْلَ قَوْلُهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ بِالْفَتْحِ أَيْ فِي شَهْرِ رَجَبٍ وَلِبَعْضِهِمْ لِشَهْرِ رَجَبٍ أَيْ لِأَجْلِ شَهْرِ رَجَبٍ وَأَخْرَجَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ فِي ذِكْرِ وَقْعَةِ الْجَمَلِ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنِ أَبِي رَجَاءٍ أَنَّهُ ذَكَرَ الدِّمَاءَ فَعَظَّمَهَا وَقَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ نَزَعَ أَحَدُهُمْ سِنَانَهُ مِنْ رمحه وَجعلهَا فِي عُلُوم النِّسَاء وَيَقُولُونَ جَاءَ مُنَصِّلُ الْأَسِنَّةِ ثُمَّ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ هَوْدَجَ عَائِشَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ كَأَنَّهُ قُنْفُذٌ فَقِيلَ لَهُ قَاتَلْتَ يَوْمَئِذٍ قَالَ لَقَدْ رَمَيْتُ بَأَسْهُمٍ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَقُولُ مَا تَقُولُ فَقَالَ مَا كَانَ إِلَّا أَنْ رَأَيْنَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا تَمَالَكْنَا قَوْلُهُ وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ هُوَ حَدِيثٌ آخَرُ مُتَّصِلٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ كُنْتُ يَوْمِ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا أَرْعَى الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِي فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بُعِثَ أَيِ اشْتُهِرَ أَمْرُهُ عِنْدَهُمْ وَمُرَادُهُ بِخُرُوجِهِ أَيْ ظُهُورِهِ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ بِفَتْحِ مَكَّةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَبْدَأَ ظُهُورِهِ بِالنُّبُوَّةِ وَلَا خُرُوجَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِطُولِ الْمُدَّةِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ خُرُوجِ مُسَيْلِمَةَ وَدَلَّتِ الْقِصَّةُ عَلَى أَنَّ أَبَا رَجَاءٍ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ بَايَعَ مُسَيْلِمَةَ مِنْ قَوْمِهِ بَنِي عُطَارِدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبٍ بَطْنٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَجَاحًا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ادَّعَتِ النُّبُوَّةَ أَيْضًا فَتَابَعَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهَا ثُمَّ بَلَغَهَا أَمْرُ مُسَيْلِمَةَ فَخَادَعَهَا إِلَى أَنْ تَزَوَّجَهَا وَاجْتَمَعَ قَوْمُهَا وَقَوْمُهُ عَلَى طَاعَةِ مُسَيْلِمَةَ
الصفحة 91
756