كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ صَالَحَهُمْ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ أَلْفٍ فِي رَجَبٍ وَأَلْفٍ فِي صَفَرٍ وَمَعَ كُلِّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ وَسَاقَ الْكتاب الَّذِي كتبه بَينهم مطولا وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ رَجَعَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأَسْلمَا زَاد فِي رِوَايَة بن مَسْعُودٍ فَأَتَيَاهُ فَقَالَا لَا نُلَاعِنُكَ وَلَكِنْ نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَ وَفِي قِصَّةِ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ إِقْرَارَ الْكَافِرِ بِالنُّبُوَّةِ لَا يُدْخِلُهُ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى يَلْتَزِمَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا جَوَازُ مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَدْ تَجِبُ إِذَا تَعَيَّنَتْ مَصْلَحَتُهُ وَفِيهَا مَشْرُوعِيَّةُ مُبَاهَلَةِ الْمُخَالِفِ إِذَا أصر بعد ظُهُور الْحجَّة وَقد دَعَا بن عَبَّاسٍ إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ الْأَوْزَاعِيُّ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا لَا تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْمُبَاهَلَةِ وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ شَخْصٍ كَانَ يَتَعَصَّبُ لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَةِ فَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا غَيْرَ شَهْرَيْنِ وَفِيهَا مُصَالَحَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يُؤْخَذُ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ فِي كُلِّ عَامٍ وَفِيهَا بَعْثُ الْإِمَامِ الرَّجُلَ الْعَالِمَ الْأَمِينَ إِلَى أَهْلِ الْهُدْنَةِ فِي مَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقد ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ لِيَأْتِيَهُ بِصَدَقَاتِهِمْ وَجِزْيَتِهِمْ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ غَيْرُ قِصَّةِ أَبِي عُبَيْدَةَ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ تَوَجَّهَ مَعَهُمْ فَقَبَضَ مَالَ الصُّلْحِ وَرَجَعَ وَعَلِيٌّ أَرْسَلَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقْبِضُ مِنْهُمْ مَا اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجِزْيَةِ وَيَأْخُذُ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَاللَّهُ أعلم ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ أَنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ سَبَبَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِب أبي عُبَيْدَة
(قَوْلُهُ قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ)
أَمَّا الْبَحْرَيْنِ فَبَلَدُ عَبْدِ الْقَيْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا عُمَانُ فَبِضَمِّ
الصفحة 95
756