كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 8)

(ومتاع إلى حين) أي وتمتع إلى وقت مقدر تقتضيه حكمته ثم حكى سبحانه وتعالى دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:
(قال رب احكم بالحق) بيني وبين هؤلاء المكذبين بما هو الحق عندك ففوض الأمر إليه سبحانه.
وقال ابن عباس: لا يحكم الله إلا بالحق، وإنما يستعجل بذلك في الدنيا يسأل ربه، وقرئ رب بضم الباء قال النحاس: وهذا لحن عند النحويين.
وقرئ أَحْكَمُ بقطع الهمزة وفتح الكاف وضم الميم، أي قال محمد: ربي أحكم بالحق من كل حاكم، وقرئ أَحْكَمَ بصيغة الماضي، أي أحكم الأمور بالحق، وقرئ قُلْ بصيغة الأمر، أي قل يا محمد.
قال أبو عبيدة: الصفة هنا أقيمت مقام الموصوف، والتقدير رب احكم بحكمك الحق. وقد استجاب سبحانه دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم فعذبهم ببدر، ثم جعل العاقبة والغلبة والنصر لعباده المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.
ثم قال سبحانه متمماً لتلك الحكاية (وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون) من الكفر والتكذيب، أي هو كثير الرحمة لعباده، والمستعان به في الأمور التي من جملتها ما تصفونه من أن الشوكة تكون لكم. ومن قولكم: (هل هذا إلا بشر مثلكم؟) وقولكم: (اتخذ الرحمن ولداً)، وكثيراً ما يستعمل الوصف في كتاب الله بمعنى الكذب، كقوله: (ولكم الويل مما تصفون) وقوله: (سيجزيهم وصفهم)، وقرئ بالتحتية وبالفوقية على الخطاب.

الصفحة 383