كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)
بدل امرأة وهو خلاف القياس (يلذن) بضم اللام وسكون المعجمة يستغثن (به) ويلتجئن (من قلة الرجال وكثرة النساء).
5231 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ».
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر الحوضي) بفتح الحاء المهملة وسكون الواو بعدها ضاد معجمة مكسورة قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال) والله (لأحدّثنكم حديثًا) ولأبي ذر بحديث (سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يحدّثكم به أحد غيري) لأنه آخر من مات بالبصرة من الصحابة أو كان إذ ذاك في آخر عمره حيث لن يبق بعده من الصحابة من ثبت سماعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا النادر ممن لم يكن هذا الحديث من مرويه وعند ابن ماجة لا يحدّثكم به أحد بعدي (سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(إن من أشراط الساعة) أي علاماتها (أن يرفع العلم) لكثرة قتل العلماء بسبب الفتن وفي كتاب العلم أن يقل العلم فيحتمل أن يكون المراد بالقلة أولًا وبالرفع آخرًا أو أطلقت القلة وأريد بها العدم كعكسه (ويكثر الجهل) بسبب رفع العلم (ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال ويكثر النساء) بسبب القتل في الرجال من كثرة الفتن دون النساء لأنهن لسن من ذوات الحرب وقيل بل هي علامة محضة لا بسبب آخر بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ويكثر من يولد من الإناث (حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) أي من يقوم بأمرهن واللام للعهد إشارة إلى المعهود من كون الرجال قوّامين على النساء، ويحتمل أن يكنى بذلك عن اتباعهن لطلب النكاح حلالًا أو حرامًا. وقوله: لخمسين لا ينافي قوله في المعلق السابق أربعون لأن الأربعين داخلة في الخمسين، أو المراد المبالغة في كثرة النساء بالنسبة إلى الرجال أو الأربعين عدد من يلذن به، والخمسين عدد من يتبعه وهو أعم من أن يلذن به فلا منافاة. وقد روى علي بن سعيد في كتاب الطاعة والمعصية عن حذيفة قال: إذا عمت الفتنة ميز الله أولياءه حتى يتبع الرجل خمسون امرأة تقول: يا عبد الله استرني يا عبد الله آوني. قال في الفتح: وكأن هذه الأمور الخمسة خصت بالذكر لأشعارها باختلاف الأحوال التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد وهي الدين لأن رفع العلم يخل به والعقل لأن شرب الخمر يخل به والنسب لأن الزنا يخل به والنفس والمال لأن كثرة الفتن تخل بهما.
وفي الحديث الإخبار بما سيقع.
وهذا الحديث قد سبق في كتاب العلم.
111 - باب لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَةِ
هذا (باب) بالتنوين (لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم) له بنسب أو رضاع أو مصاهرة فيحل لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن} [النور: 31] الآية ولأن المحرمية معنى يمنع المناكحة أبدًا فكانا كالرجلين والمرأتين ولا فرق في المحرم بين الكافر وغيره إلا إن كان الكافر من قوم يعتقدون حلّ المحارم كالمجوس امتنع خلوته (و) كذا لا يجوز (الدخول على) المرأة (المغيبة) بضم الميم وكسر الغين المعجمة وبعد التحتية الساكنة موحدة التي غاب عنها زوجها لسفر أو غيره ويجوز في الدخول الخفض عطفًا على بامرأة.
5232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) البغلاني قال: (حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام (عن يزيد بن أبي حبيب) سويد المصري (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني المصري (عن عقبة بن عامر) الجهني -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(إياكم والدخول) بالنصب على التحذير، وقال البرماوي في شرح العمدة: الدخول منصوب عطفًا على إيا المغرى بها والعامل في إيا محذوف أي باعدوا أنفسكم ثم حذف المضاف فقيل إياكم وعطف عليه الدخول، وفي رواية ابن وهب عند أبي نعيم: لا تدخلوا (على النساء) ومنع الدخول مستلزم لمنع الخلوة وعند الترمذي لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما (فقال رجل من الأنصار): قال ابن حجر: لم أقف على اسمه (يا رسول الله أفرأيت الحمو) أي أخبرني عن حكم دخول الحمو على المرأة (قال) عليه
الصفحة 115
505