كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)
فقد ملكتكها بما معك من القرآن) بفتح الميم قال الدارقطني هذه وهم والصواب زوّجتكها وهي رواية الأكثرين.
قال النووي: يحتمل صحة الوجهين بأن يكون جرى لفظ التزويج أوّلًا ثم لفظ التمليك ثانيًا أي لأنه ملك عصمتها بالتزويج السابق. زاد البيهقي في المعرفة من طريق زائدة عن أبي حازم عن سهل انطلق فقد زوّجتكها بما تعلّمها من القرآن، وفي حديث أبي هريرة عنده أيضًا قال: ما تحفظ من القرآن قال: سورة البقرة والتي تليها قال: قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك، وفي تعليمها القرآن منفعة تعود إليها وهو عمل من أعمال البدن التي لها أجرة، والباء في بما معك باء المقابلة وما موصولة وصلتها الظرف والعائد ضمير الاستقرار وقيل الباء سببية أي بسبب ما معك من القرآن قيل ويرجع إلى صداق المثل، وهذا مذهب الحنفية قالوا: لأن المسمى ليس بمال، والشارع إنما شرع ابتغاء النكاح للمال بقوله: {أن تبتغوا بأموالكم} [النساء: 24] وتعليم القرآن ليس بمال فيجب مهر المثل وليس في قوله زوّجتكها بما معك من القرآن أنه جعله مهرًا ومن للبيان أو للتبعيض.
15 - باب الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}
(باب الأكفاء في الدين) بفتح الهمزة الأولى جمع كفء بضم الكاف وسكون تاليها آخره المثل والنظير يقال: كافأه أي ساواه، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم فالكفاءة معتبرة في النكاح لما روى جابر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء ولا يزوّجن من غير الأكفاء ولأن النكاح يعقد للعمر، ويشتمل على أغراض ومقاصد كالازدواج والصحبة والألفة وتأسيس القرابات ولا ينتظم ذلك عادة إلا بين الأكفاء، وقد جزم مالك -رحمه الله- بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين لقوله عليه الصلاة والسلام: "الناس سواء لا فضل
لعربي على عجمي إنما الفضل بالتقوى". وقال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]. وأجيب: بأن المراد به في حكم الآخرة وكلامنا في الدنيا، وقال الشيخ خليل في مختصره: والكفاءة الدين والحال قال شارحه وأعتبر فيها خمسة أوصاف.
الدين وهو متفق عليه، وظاهر قول المدوّنة المسلمون بعضهم لبعض أكفاء أن الرقيق ونقله عبد الوهاب نصًّا وعن المغيرة أنه يفسخ وصححه هو وغيره.
والنسب وفي المدونة المولى كفء للعربية، وقيل ليس بكفء.
والحال وهو أن يكون الزوج سالمًا من العيوب الفاحشة.
والمال فالعجز عن حقوقها يوجب مقالها وقيل: المعتبر من ذلك كله عند مالك الدين والحال وعند ابن القاسم الدين والمال وعندهما المال والحال انتهى.
وخصال الكفاءة عند الشافعية خمسة.
سلامة من عيب نكاح كجنون وجذام وبرص.
وحرية فمن مسه أو مس أبًا له أقرب رق ليس كفء سليمة من ذلك لأنها تعير به وخرج بالآباء الأمهات فلا يؤثر فيهن مس الرق.
ونسب ولو في العجم لأنه من المفاخر فعجمي أبًا وإن كانت أمه عربية ليس كفء عربية أبًا وإن كانت أمها أعجمية ولا غير قرشي من العرب كفأ لقرشية لحديث قدّموا قريشًا ولا تقدّموها رواه الشافعي بلاغًا ولا غير هاشمي ومطلبي كفأ لهما لحديث مسلم أن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فبنو هاشم وبنو المطلب أكفاء لحديث البخاري نحن وبنو المطلب شيء واحد.
وعفة بدين وصلاح فليس فاسق كفء عفيفة.
وحرفة فليس ذو حرفة دنيئة كفء أرفع منه فنحو كناس ليس كفء بنت خياط ولا خياط بنت تاجر ولا تاجر بنت عالم ولا يعتبر في خصال الكفاءة اليسار لأن المال غادٍ ورائح ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر، وقال الحنابلة: واللفظ للمرداوي في تنقيحه والكفاءة في زوج شرط لصحة النكاح عند الأكثر فهي حق لله والمرأة والأولياء كلهم حتى من يحدث ولو زالت بعد العقد فلها الفسخ فقط وعنه ليست بشرط بل للزوم واختاره أكثر المتأخرين وهو أظهر ولمن لم يرض الفسخ من المرأة والأولياء جميعهم فورًا وتراخيًا فهي حق
الصفحة 19
505