كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

الأول (نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته) كابنة أخيه (أو ابنته) للتنويع لا للشك وثبت وليته لأبي ذر عن الكشميهني (فيصدقها) بضم الياء وسكون الصاد أي يعين صداقها ويسمى مقداره (ثم ينكحها) أي يعقد عليها.
(ونكاح آخر) وهو الثاني (كان الرجل يقول: لامرأته إذا طهرت) بفتح الطاء المهملة وضم الهاء (من طمثها) بفتح الطاء المهملة وسكون الميم بعدها مثلثة أي حيضها ليسرع علوقها (أرسلي إلى فلان) رجل من أشرافهم (فاستبضعي) أي اطلبي (منه) المباضعة وهي الجماع لتحملي منه (ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها) جامعها (زوجها إذا أحب وإنما يفعل) الزوج (ذلك) الاستبضاع (رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع).
(ونكاح آخر) وهو الثالث (يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها) يطؤها (فإذا حملت ووضعت ومرّ ليالي) ولغير أبي ذر ومرّ عليها ليالي (بعد أن تضع حملها أرسلت
إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم قد عرفتم) بلفظ الجمع ولأبي ذر عن الكشميهني عرفت تخاطب الواحد (الذي كان من أمركم وقد ولدت) بتاء المتكلمة (فهو ابنك يا فلان تسمي مَن أحبّت باسمه فيلحق به) بفتح الياء والحاء أي بالرجل الذي تسميه (ولدها) رفع بيلحق (لا يستطيع أن يمتنع به) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني منه (الرجل) الذي تسميه.
(ونكاح الرابع) بالإضافة أي ونكاح النوع الرابع وهو من إضافة الشيء لنفسه على رأي الكوفيين (يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة) يطؤونها (لا تمتنع ممن) ولأبي ذر لا تمنع من (جاءها) من وطئها (وهن البغايا) جمع بغي وهي الزانية (كن ينصبن) بكسر الصاد (على أبوابهن رايات تكون علمًا) بفتح اللام علامة (فمن) ولأبي ذر عن الكشميهني لمن (أرادهن دخل عليهن) فيطؤهن (فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا) بضم الجيم وكسر الميم (لها) أي جمعوا لها الناس (ودعوا لها القافة) بالقاف وتخفيف الفاء الذين يلحقون الولد بالوالد بالآثار الخفية (ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط) بفوقية بعدها ألف فطاء مهملة أي التصق (به) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: فالتاطته ألحقته به (ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالحق هدم نكاح) أهل (الجاهلية كله) ما ذكرته وغيره (إلا نكاح الناس اليوم) وهو أن يخطب إلى الولي ويزوّجه كما سبق.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في النكاح.
5128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قَالَتْ: هَذَا فِي الْيَتِيمَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ فِي مَالِهِ، وَهْوَ أَوْلَى بِهَا فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلاَ يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ فِي مَالِهَا.
وبه قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن موسى المشهور بخت أو ابن جعفر البخاري البيكندي قال: (حدّثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) -رضي الله عنها- في تفسير قوله تعالى: {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن}) [النساء: 127] (قالت: هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل) وفي تفسير النساء هو وليها ووارثها (لعلها أن تكون شريكته في ماله وهو أولى بها فيرغب) عن (أن) ولأبي ذر عنها أن (ينكحها) بفتح الياء أي يتزوج بها (فيعضلها) بضم الضاد المعجمة أي بمنعها أن تتزوج غيره (لمالها ولا ينكحها غيره) بضم الياء (كراهية) نصب على التعليل مضاف إلى المصدر وهو قوله: (أن يشركه أحد) ممن يتزوجها (في مالها) زاد في سورة النساء: فنزلت هذه الآية.
5129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي
سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنِ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالتوحيد (سالم أن) أباه (ابن عمر أخبره أن) أباه (عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (حين تأيمت حفصة بنت عمر من ابن حذافة) خنيس (السهمي وكان من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أهل بدر توفي بالمدينة) من جراح نالته في سبيل الله (فقال عمر:

الصفحة 50