كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)
بالإفراد (أنس بن مالك) -رضي الله عنه- (أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بنصب مقدم على الظرفية أي زمان قدومه (المدينة) في الهجرة (فكان) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فكن (أمهاتي) أي أمه وأخواتها (يواظبنني) بالظاء المعجمة والموحدة الساكنة من المواظبة على الشيء وهو الاستمرار عليه، ولأبي ذر عن أبي الوقت يواطئنني بالطاء المهملة والتحتية مهموزة من المواطأة أي يحرّضنني (على خدمة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخدمته عشر سنين) زاد في الأدب والله ما قال لي أف قط (وتوفي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ابن عشرين سنة فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل) حكمه في آية الأحزاب (وكان أول ما نزل) الحجاب (في مبتنى) في زمان دخول (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزينب بنت) ولغير أبي ذر ابنة (جحش) -رضي الله عنها- (أصبح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بها عروسًا فدعا القوم) لوليمتها (فأصابوا من الطعام ثم خرجوا وبقي رهط) ما بين الثلاثة إلى العشرة ولم يسموا (منهم عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأطالوا المكث) يتحدّثون في البيت (فقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخرج وخرجت معه لكي يخرجوا فمشى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومشيت) معه (حتى جاء عتبة حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجع ورجعت معه حتى إذا دخل على زينب فإذا هم) أي النفر (جلوس لم يقوموا فرجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم خرجوا فرجع ورجعت معه، فإذا هم قد خرجوا فضرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيني وبينه بالستر) بزيادة الموحدة (وأنزل الحجاب) في آية: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} [الأحزاب: 53] الآية.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة واختلف في وقت الوليمة فقال ابن الحاجب من المالكية إنه بعد البناء. قال الشيخ خليل في التوضيح: وهو ظاهر المذهب واستحبها بعض الشيوخ قبل البناء.
قال اللخمي وواسع قبله وبعده، ولمالك في العتبية لا بأس إن لم يولم قبل البناء وبعده، وقال ابن يونس: يستحب الإطعام عند عقد النكاح وعند البناء. وقال الباجي: المختار منها يوم واحد، وقال ابن حبيب: وقد أبيح أكثر من يوم ويكره استدامة ذلك أيامًا انتهى.
وصرح الماوردي من الشافعية بأنها عند الدخول وحديث الباب صريح في أنها بعده لقوله فيه أصبح عروسًا بزينب فدعا القوم.
وهذا الحديث سبق قريبًا.
68 - باب الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ
(باب) استحباب (الوليمة ولو بشاة) للموسر.
5167 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا -رضي الله عنه- قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ: كَمْ أَصْدَقْتَهَا، قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ
مِنْ ذَهَبٍ. وَعَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ نَزَلَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ، فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: أُقَاسِمُكَ مَالِي، وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ. قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَتَزَوَّجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ».
وبه قال: (حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثني) بالإفراد (حميد) الطويل (أنه سمع أنسًا -رضي الله عنه- قال: سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد الرحمن بن عوف و) الحال أنه كان قد (تزوج امرأة من الأنصار) هي بنت الحيسر بن رافع بن امرئ القيس.
(كم أصدقتها؟ قال): أصدقتها (وزن نواة) ويجوز رفع وزن أي الذي أصدقتها وزن نواة (من ذهب، و) بالسند السابق (عن حميد سمعت) ولأبي ذر عن الكشميهني سمع (أنسًا) -رضي الله عنه- أنه (قال: لما قدموا) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه (المدينة نزل المهاجرون على الأنصار فنزل عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع) الأنصاري وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخى بينهما (فقال) سعد لعبد الرحمن (أقاسمك مالي) فخذ شطره (وأنزل لك عن إحدى امرأتي) فأيتهما شئت طلقتها لك فإذا حلّت تزوجتها. قال في الفتح: ولم أقف على اسم امرأتي سعد بن الربيع إلا أن ابن سعد ذكر أنه كان له من الولد أم سعد واسمها جميلة وأمها عمرة بنت حزم وتزوّج زيد بن ثابت أم سعد فولدت له ابنة خارجة قال: فيؤخذ من هذا تسمية إحدى امرأتي سعد قال: وأخرج الطبري في التفسير قصة مجيء امرأة سعد بن الربيع بابنتي سعد لما استشهد فقالت: إن عمهما أخذ ميراثهما فنزلت آية المواريث، وسماها إسماعيل القاضي في أحكام القرآن بسند له مرسل عمرة بنت حزم انتهى.
ورأيت في حاشية نسخة من الفتح عن شيخنا الحافظ
الصفحة 70
505