كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

عائشة) -رضي الله عنها- (قالت) مما هو موقوف وليس بمرفوع. نعم قوله: كنت لك كأبي زرع مرفوع، وقد رواه النسائي في عِشرَة النساء عن أبي عقبة خالد بن عقبة بن خالد السكونيّ عن أبيه عن هشام به موقوفًا وآخره مرفوع، وعن عبد الرحمن بن محمد بن سلم عن أبي عصمة ريحان بن سعيد بن المثنى عن عباد بن منصور عن هشام به جميعه مسند مرفوع، ورواه الطبراني في الكبير من رواية الدراوردي وعباد بن منصور كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا، وإنما المرفوع كنت لك كأبي زرع لأُم زرع والمحفوظ فيه رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام وعيسى بن يونس كلاهما عن هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة عن أبيهما عن عائشة، ورواه الطبراني من حديث الدراوردي وعباد كما أشرنا إليه سابقًا بدون واسطة أخيه عن هشام بن جميعه مسند مرفوع ولفظه، قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع". قالت عائشة: بأبي وأمي يا رسول الله ومن كان أبو زرع؟ قال: "اجتمع" فَسَاق الحديث كله، لكن قال ابن عساكر: الصواب حديث هشام عن أخيه عبد الله بن عروة بعضه مسند وأكثره موقوف انتهى.
وكذا روي مرفوعًا من رواية عبد الله بن مصعب والدراوردي عند الزبير بن بكار، وأخرجه مسلم في الفضائل عن علي بن حجر وأحمد بن جناب بفتح الجيم والنون كلاهما عن عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أخيه عبد الله عن عروة عن عائشة قالت: (جلس) جماعة (إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن) أي ألزمن أنفسهن عهدًا وعقدن على الصدق من ضمائرهن عقدًا (أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا).
وعند الزبير بن بكار عن عائشة دخل عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعندي بعض نسائه فقال يخصني بذلك: "يا عائشة أنا لك كأبي زرع لأُم زرع" قلت: يا رسول الله ما حديث أبي زرع وأم زرع؟ قال: "إن قرية من قرى اليمن كان بها بطن من بطون اليمن وكان منهم إحدى عشرة امرأة وإنهن خرجن إلى مجلس فقلن تعالين فلنذكر بعولتنا بما فيهم ولا نكذب" ففيه ذكر قبيلتهن وبلادهن، لكن في رواية الهيثم إنهنّ كنّ بمكة.
وعند ابن حزم إنهن من خثعم، وعند النسائي من طريق عمر بن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: فخرت بمال أبي في الجاهلية وكان ألف ألف أوقية فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اسكتي يا عائشة فإني كنت لك كأبي زرع لأم زرع".
وعند أبي القاسم عبد الحكيم بن حيان بسند له مرسل من طريق سعيد بن عفير عن القاسم بن الحسن عن عمرو بن الحارث عن الأسود بن جبير المعافري قال: دخل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
على عائشة وفاطمة وقد جرى بينهما كلام فقال "ما أنت بمنتهية يا حميراء عن ابنتي إن مثلي ومثلك كأبي زرع مع أم زرع". فقالت: يا رسول الله حدّثنا عنهما فقال: "كانت قرية فيها إحدى عشرة امرأة وكان الرجال خلوفًا فقلن تعالين نذكر أزواجنا بما فيهم ولا نكذب".
(قالت) المرأة (الأولى) ولم تسم تذم زوجها (زوجي لحم جمل غث) بفتح العين المعجمة وتشديد المثلثة والرفع صفة للحم والجرّ صفة لجمل وكلاهما في الفرع. قال البدر الدماميني: لا إشكال في جوازهما لكن لا أدري ما المرويّ منهما ولا هل ثبتا معًا في الرواية فينبغي تحريره انتهى. قلت: قال ابن الجوزي: المشهور في الرواية الخفض، وقال لنا ابن ناصر: الجيد الرفع، ونقله عن التبريزي وغيره والمعنى زوجي شديد الهزال (على رأس جبل) زاد الترمذي في الشمائل وعر أي كثير الصخر شديد الغلظة يصعب الرقيّ إليه وعند الزبير بن بكار على رأس جبل وعث بفتح الواو وسكون المهملة بعدها مثلثة صعب المرتقى بحيث توحل فيه الأقدام فلا تخلص منه ويشق فيه المشي (لا سهل فيرتقى) بضم التحتية وفتح القاف مبنيًا للمفعول أي فيصعد إليه لصعوبة المسلك إليه ولا سهل بالخفض منوّنًا في الفرع كأصله صفة

الصفحة 80