كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)
أوقظ لأن لي من يكفيني مؤونة بيتي ومهنة أهلي (وأشرب) الماء أو اللبن أو غيرهما (فأتقنح) بهمزة ففوقية فقاف فنون مشددة لأبي ذر مفتوحات فحاء مهملة أي أشرب كثيرًا حتى لا أجد مساغًا أو لا أتقلل من مشروبي ولا يقطع عليّ حتى تتم شهوتي منه. وفي رواية
الهيثم وآكل فأتمنح أي أطعم غيري، يقال: منحه يمنحه إذا أعطاه وأتت بالألفاظ كلها بوزن أتفعل لتفيد تكرر ذلك وملازمته مرة بعد أخرى ومطالبة نفسها أو غيرها بذلك، وقول أبي عبيد لا أراها قالت فأتقنح إلا لعزة الماء عندهم أي فلذلك فخرت بالري من الماء تعقب بأن السياق ليس فيه ذكر الماء فهو محتمل له ولغيره من الأشربة؛ قيل: إن لم تثبت رواية الهيثم وآكل فأتمنح ففي اقتصارها على ذكر الشرب إشارة إلى أن المراد به اللبن لأنه هو الذي يقوم مقام الطعام والشراب، ولغير أبي ذر: فأتقمح بالميم بدل النون ما ذكرها المصنف بعد عن بعضهم، وقال: إنها أصح فقول القاضي عياض إنه لم يقع في الصحيحين إلا بالنون، ورواه الأكثر في غيرهما بالميم لا يخفى ما فيه. قال أبو عبيد: أتقمح بالميم أي أروى حتى لا أشرب مأخوذ من الناقة القامح وهي التي ترد الحوض فلا تشرب وترفع رأسها ريًّا أو هما بمعنى.
(أُم أبي زرع) زوجي (فما أم أبي زرع) ما استفهامية للتعجب والتعظيم (عكومها) بضم العين المهملة والكاف والميم أي أعدالها وغرائرها التي تجمع فيها أمتعتها أو نمطها الذي تجعل فيه ذخيرتها ذكره في القاموس وغيره (رداح) بفتح الراء والدال المهملتين وبعد الألف حاء مهملة مرفوعة أي عكومها كلها رداح ثقيلة فوصفها بالثقل لكثرة ما فيها من المتاع والثياب. وقال في النهاية: أي ثقيلة الكفل ويصح أن يكون رداح خبر عكوم فيخبر عن الجمع بالجمع أو خبر لمبتدأ محذوف أي كلها رداح كما مرّ على أن رداح واحد جمعه ردح بضمتين، وقد سمع الخبر عن الجمع بالواحد مثل أدرع دلاص فيحتمل أن يكون هذا منه، ويحتمل أن يكون مصدرًا كطلاق وكمال أي على حذف مضاف أي عكومها ذات رداح (وبيتها فساح) بفاء مفتوحة فسين مهملة مخففة فألف فحاء مهملة مرفوع واسع كثير، والحاصل أنها وصفت والدة زوجها بكثرة الآلات والأثاث والقماش وسعة المال كبيرة المنزل لبر ابنها أبي زرع لها وأنه لم يطعن في السن لأن ذلك هو الغالب ممن يكون له والدة.
(ابن) زوجي (أي زرع) ولم يسم (فما ابن أبي زرع مضجعه كمسل شطبة) بفتح الميم والسين المهملة وتشديد اللام مصدر ميمي بمعنى المسلول والشطبة بفتح الشين المعجمة السعفة الخضراء يشق منها قضبان رقاق ينسج منها الحصر أي موضعه الذي ينام فيه في الصغر كمسلول الشطبة ويلزم منه كونه مهفهفًا أو أرادت سيفًا سلّ من غمده، والعرب تشبه الرجل بالسيف لخشونة جانبه ومهابته أو لجماله ورونقه وكمال لألائه أو لكمال صورته في استوائها واعتدالها (ويشبعه ذراع الجفرة) بفتح الجيم وسكون الفاء بعدها راء الأنثى من ولد المعز ابن أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعي، ويقال لولد الضأن أيضًا إذا كان ثنيًا. وفي القاموس الجفر من أولاد الشاء ما عظم واستكرش أو بلغ أربعة أشهر وزاد ابن الأنباري ويرويه فيقة اليعرة ويميس في حلة النترة، فقولها ويرويه من الإرواء والفيقة بكسر الفاء وسكون التحتية بعدها قاف ما يجتمع في الضرع بين الحلبتين واليعرة بفتح التحتية وسكون العين المهملة بعدها راء العناق ويميس بالسين المهملة يتبختر، والنترة: بالنون المفتوحة ثم الفوقية الساكنة الدرع اللطيفة، وقيل اللينة الملمس. والحاصل أنها
وصفته بهيف القدّ وأنه ليس ببطين ولا جاف وأنه قليل الأكل والشرب ملازم لآلة الحرب يختال في موضع القتال وذلك مما تتمادح به العرب.
(بنت) زوجي (أبي زرع فما بنت أبي زرع)؟ في مسلم وما بالواو بدل الفاء ولم تسم البنت المذكورة (طوع أبيها وطوع أمها) فلا تخرج عن أمرهما وصفتهما ببرهما وزاد الزبير وزين أهلها ونسائها أي
الصفحة 88
505