كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

يتجملون بها (وملء كسائها) لامتلاء جسمها وسمنها (وغيظ جارتها) أي ضرّتها لما ترى من جمالها وأدبها وعفتها. وقول الزركشي كغيره في هذه الألفاظ دليل لسيبويه في إجازته مررت برجل حسن وجهه خلافًا للمبرد والزجاج أي حيث أنكرا إجازة مثل ذلك لأنه من إضافة الشيء إلى مثله، تعقبه البدر الدماميني فقال: ما أظن أن سيبويه يرضى بهذا الاستدلال وذلك لأن كلاًّ من طوع وملء وغيظ ليس صفة مشبهة ولا اسم فاعل ولا مفعول من فعل لازم حتى يجري مجرى الصفة المشبهة، وإنما كلٌّ منها مصدر لفعل متعدٍّ فطوع أبيها بمعنى طائعة أبيها أي مطيعة ومنقادة له، وملء كسائها أي مالئة كساءها، وغيظ جارتها أي غائظة جارتها وجواز مثل هذا في اسم الفاعل من الفعل المتعدي جائز بالإجماع لا يخالف فيه المبرد ولا الزجاج ولا غيرهما، وبالجملة فليس هذا من محل النزاع في شيء انتهى.
وعند مسلم من رواية سعيد بن سلمة وحقر جارتها بفتح الحاء المهملة وسكون القاف أي دهشتها أو قتلها، وللطبراني وحين جارتها بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها نون أي هلاكها، وزاد ابن السكيت قباء هضيمة الحشا جائلة الوشاح عكناء فعماء نجلاء دعجاء زجاء قنواء مؤنقة معنقة فقوله قباء بفتح القاف وتشديد الموحدة أي ضامرة البطن وهضيمة الحشا بمعنى ضامرة وجائلة الوشاح بالجيم والوشاح بكسر الواو أي يدور وشاحها لضمور بطنها والوشاح قال في القاموس: بالضم والكسر كرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما معطوف أحدهما على الآخر أو أديم عريض مرصع بالجوهر تشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها، وهي غرثى الوشاح هيفاء، وعكناء بفتح العين المهملة وسكون الكاف وبالنون والمدّ أي ذات عكن وهي طيات بطنها، وعكناء بفتح العين المهملة وسكون الكاف وبالنون.
والمدّ أي ذات عكن وهي طيات بطنها، وفعماء بفتح الفاء وسكون العين المهملة وبالمدّ أي ممتلئة الأعضاء، ونجلاء بفتح النون وسكون الجيم والمدّ واسعة العين، ودعجاء من الدعج بالجيم شدة سواد العين في شدة بياضها، وزجاء بالزاي والجيم المشدّدة من الزجج وهو تقويس الحاجب مع طول في أطرافه وامتداده وقيل: بالراء بدل الزاي أي كبيرة الكفل يرتج من عظمه، وقنواء بفتح القاف وسكون النون والمد من القنو طول في الأنف ودقة الأرنبة مع حدب في وسطه ومؤنقة بالنون المشدّدة والقاف من الشيء الأنيق المعجب ومعنقة بوزنه أي مغذية بالعيش الناعم وكلها كما لا يخفى أوصاف حسان.
(جارية) زوجي (أبي زرع) لم تسم (فما جارية أبي زرع؟ لا تبث) بضم الموحدة وتشديد
المثلثة لا تفشي (حديثنا تبثيثًا) مصدر من بثّ بوزن فعل بالتشديد للمبالغة أي بل تكتمه (ولا تنقث) بضم الفوقية وفتح النون وكسر القاف المشدّدة بعدها مثلثة أي لا تخرج أو لا تفسد أو لا تسرع بالخيانة أو لا تذهب بالسرقة (ميرتنا) بكسر الميم وسكون التحتية بعدها راء أي زادنا (تنقيثًا) مصدر وصفتها بالأمانة (ولا تملأ بيتنا تعشيشًا) بالعين المهملة والشينين المعجمتين بينهما تحتية ساكنة أي لا تترك الكناسة والقمامة في البيت مفرقة كعش الطائر بل هي مصلحة للبيت مهتمة بتنظيفه وإلقاء كناسته وإبعادها منه، وقيل لا تخوننا في طعامنا فتخبؤه في زوايا البيت وقيل تريد عفاف فرجها وعدم فسقها، وزاد الهيثم بن عدي ضيف أبي زرع فما ضيف أبي زرع في شبع وري ورتع.
طهاة أبي زرع فما طهاة أبي زرع؟ لا تفتر ولا تعدى تقدح قدرًا وتنصب أخرى فتلحق الآخرة بالأولى. مال أبي زرع فما مال أبي زرع؟ على الجمم معكوس وعلى العفاة محبوس، فقوله رتع بفتح الراء والفوقية أي تنعم ومسرة والطهاة بضم الطاء المهملة. أي الطباخون لا تفتر بالفاء الساكنة ثم الفوقية المضمومة لا تسكن ولا تضعف ولا تعدى بضم الفوقية وتشديد الدال المهملة أي لا تترك ذلك ولا تتجاوز عنه وتقدح بالقاف والحاء المهملة آخره أي تغرف وتنصب أي ترفع قدرًا أخرى على النار، والجمم بالجيم جمع جمة القوم يسألون في الدية ومعكوس أي مردود والعفاة بضم العين

الصفحة 89