كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

اسْتِحْدَادًا لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيدَةِ وَهِيَ الْمُوسَى وَهُوَ سُنَّةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ نَظَافَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَالْأَفْضَلُ فِيهِ الْحَلْقُ وَيَجُوزُ بِالْقَصِّ وَالنَّتْفِ وَالنُّورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْعَانَةِ الشَّعْرُ فَوْقَ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَحَوَالَيْهِ وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ الَّذِي حَوْلَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ حَلْقَةِ الدُّبُرِ فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذَا اسْتِحْبَابُ حَلْقِ جَمِيعِ مَا عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَحَوْلَهُمَا (وَالْخِتَانُ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُثَنَّاةِ مَصْدَرُ خَتَنَ أَيْ قَطَعَ وَالْخَتْنُ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ قَطْعُ بَعْضٍ مَخْصُوصٍ عَنْ عُضْوٍ مَخْصُوصٍ وَالْخِتَانُ اسْمٌ لِفِعْلِ الْخَاتِنِ وَلِمَوْضِعِ الْخِتَانِ أَيْضًا كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ
وَالْأَوَّلُ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ خِتَانُ الذَّكَرِ قَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَوْعِبَ مِنْ أَصْلِهَا عِنْدَ أَوَّلِ الْحَشَفَةِ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهَا مَا يَتَغَشَّى بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَشَفَةِ
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمُسْتَحَقُّ فِي الرِّجَالِ قَطْعُ الْقُلْفَةِ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنَ الجلدة شيء متدل
وقال بن الصَّبَّاغِ حَتَّى تَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْ خِتَانِ الْمَرْأَةِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ خِتَانُهَا قَطْعُ جِلْدَةٍ تَكُونُ فِي أَعْلَى فَرْجِهَا فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَالنَّوَاةِ أَوْ كَعُرْفِ الدِّيكِ وَالْوَاجِبُ قَطْعُ الْجِلْدَةِ الْمُسْتَعْلِيَةِ مِنْهُ دُونَ اسْتِئْصَالِهِ
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
قَالَ الْحَافِظُ لَهُ شَاهِدَانِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ أَيْمَنَ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَقِيقَةِ وَآخَرُ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ
وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الْخِتَانِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مُدَّةَ الْخِتَانِ لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اخْتُتِنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاخْتُتِنَ بِالْقَدُومِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرِ السِّنِينَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَخْتِنَ الصَّغِيرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَيَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عن سعيد بن جبير قال سئل بن عَبَّاسٍ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا يَوْمئِذٍ مَخْتُونٌ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ
وَلَهُمْ أَيْضًا وَجْهٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَتَنَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا
أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُخْتَتَنَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ وَهَلْ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنَ السَّبْعِ أَوْ يَكُونُ سَبْعَةً سِوَاهُ فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا يُحْسَبُ انْتَهَى
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

الصفحة 28