كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

قُلْنَا لِأَنَّهُمْ هُمُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ (وَصِنْفًا عَلَى وُجُوهِهِمْ) أَيْ يَمْشُونَ عَلَيْهَا وَهُمُ الْكُفَّارُ (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ) أَيْ وَالْعَادَةُ أَنْ يُمْشَى عَلَى الْأَرْجُلِ (قَالَ) إِنَّ الَّذِي أَمَشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمَشِّيهِمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ يَعْنِي وَقَدْ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما) وَإِخْبَارُهُ حَقٌّ وَوَعْدُهُ صِدْقٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قدير فلا ينبغي أن يستعد مِثْلُ ذَلِكَ (أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (إِنَّهُمْ) أَيِ الْكُفَّارُ (يَتَّقُونَ) أَيْ يَحْتَرِزُونَ وَيَدْفَعُونَ (كُلَّ حَدَبٍ) أي مكان مرتفع (وشوكة) وَاحِدَةُ الشَّوْكِ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ خَارَ
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ يُرِيدُ بِهِ بَيَانَ هَوَانِهِمْ وَاضْطِرَارِهِمْ إِلَى حَدٍّ جَعَلُوا وُجُوهَهُمْ مَكَانَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ فِي التَّوَقِّي عَنْ مُؤْذِيَاتِ الطُّرُقِ وَالْمَشْيِ إِلَى الْمَقْصِدِ لَمَّا لَمْ يَجْعَلُوهَا سَاجِدَةً لِمَنْ خَلَقَهَا وَصَوَّرَهَا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وأخرجه بن جرير وبن مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ (وَقَدْ رَوَى وُهَيْبُ) بْنُ خَالِدٍ (عن بن طَاوُسٍ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ كَيْسَانُ بْنُ سَعِيدٍ
قَوْلُهُ (إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ رِجَالًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَاجِلٍ بِمَعْنَى مَاشٍ (تُجَرُّونَ) عَلَى وُجُوهِكُمْ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْجَرِّ أَيْ تُسْحَبُونَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ شَأْنِ الْحَشْرِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ تَخْرِيجُهُ

الصفحة 460