كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

وبينك القرآن) أي يحكم بَيْنِي وَبَيْنَكَ الْقُرْآنُ وَيَفْصِلُ (مَنِ احْتَجَّ بِالْقُرْآنِ فَقَدْ أَفْلَحَ) أَيْ فَازَ بِمَرَامِهِ (قَالَ سُفْيَانُ) أَيْ فِي بَيَانِ مُرَادِ حُذَيْفَةَ بِقَوْلِهِ أَفْلَحَ (يَقُولُ) أَيْ حُذَيْفَةُ يَعْنِي يُرِيدُ (قَدِ احْتَجَّ) أَيْ أَتَى بِالْحُجَّةِ الصَّحِيحَةِ (وَرُبَّمَا قَالَ) أَيْ سُفْيَانُ (قَدْ فَلَجَ) مِنَ الْفَلْجِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْجِيمِ وَهُوَ الظَّفْرُ وَالْفَوْزُ وَفَلَجَ عَلَى خَصْمِهِ مِنْ بَابِ نَصَرَ كَذَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَفْلَحَ مِنْ بَابِ الْإِفْعَال وَهُوَ بِمَعْنَى الْفَلَجِ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفَلَجُ وَالظَّفْرُ وَالْفَوْزُ كَالْإِفْلَاجِ (فَقَالَ) أَيْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) يعني إذ أسرى به إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدَخَلَهُ
فالظاهر أَنَّهُ قَدْ صَلَّى فِيهِ (قَالَ) أَيْ حُذَيْفَةُ (أَفَتَرَاهُ صَلَّى فِيهِ) يَعْنِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَصْرِيحٌ لِصَلَاتِهِ (قُلْتُ لَا) يَعْنِي لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ (قَالَ لَوْ صَلَّى فِيهِ لَكُتِبَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ فِيهِ كَمَا كُتِبَتِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) قَدْ أَجَابَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ قَوْلِ حُذَيْفَةَ هَذَا فَقَالَ (وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَنَعُ التَّلَازُمَ فِي الصَّلَاةِ إِنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْفَرْضُ وَإِنْ أَرَادَ التَّشْرِيعَ فَنَلْتَزِمُهُ وَقَدْ شَرَعَ النبي الصَّلَاةَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَرَنَهُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِهِ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَذَكَرَ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ فِيهِ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَأَوْثَقْتُ دَابَّتِي بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا وَفِيهِ فَدَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَزَادَ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ
وَفِي حَدِيثِ بن مسعود عند مسلم وحانت الصلاة فأمتهم انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا (بِدَابَّةٍ) هِيَ الْبُرَاقُ (طَوِيلَةِ الظَّهْرِ مَمْدُودَةٍ هَكَذَا) أَيْ أَشَارَ حُذَيْفَةُ لِطُولِ ظَهْرِهَا وَمَدَّ بِيَدِهِ (خَطْوُهُ) فِي الْقَامُوسِ خَطَا خَطْوًا مَشَى وَالْخُطْوَةُ وَيُفْتَحُ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ (مَدُّ بَصَرِهِ) أَيْ مُنْتَهَى بَصَرِهِ (فَمَا زَايَلَهَا ظَهْرُ الْبَرْقِ) أَيْ مَا فَارَقَ النَّبِيُّ وَجِبْرِيلُ ظَهْرَهُ فِي الْقَامُوسِ زَايَلَهُ مُزَايَلَةً وَزِيَالًا فَارَقَهُ انْتَهَى
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كان راكبا مع النبي على

الصفحة 463