كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

وَقَدِ اسْتَوْفَاهَا بِدُعَائِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَخَشِيَ أَنْ يَطْلُبَ فَلَا يُجَابَ (فَيَقُولُ إِنِّي كَذَبْتُ ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ) يَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْكِذْبَاتِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْحَقُّ أَنَّ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ صُورَتُهَا صُورَةَ الْكَذِبِ أَشْفَقَ مِنْهَا اسْتِصْغَارًا لِنَفْسِهِ عَنِ الشَّفَاعَةِ مَعَ وُقُوعِهَا لِأَنَّ مَنْ كَانَ أَعْرَفَ بِاَللَّهِ وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ منزلة كان أعظم خوفا (إلا ما حل بِهَا) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ دَفَعَ وَجَادَلَ مِنَ الْمِحَالِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْكَيْدُ وَقِيلَ الْمَكْرُ وَقِيلَ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَمِيمُهُ أَصْلِيَّةٌ وَرَجُلٌ مَحِلٌ أَيْ ذُو كَيْدٍ (فَيَقُولُ إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا) وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ وَإِنْ يُغْفَرْ لِي الْيَوْمَ حَسْبِي (فَيَقُولُ إِنِّي عُبِدْتُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ والنسائي من حديث بن عَبَّاسٍ إِنِّي اتُّخِذْتُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَنَحْوَهُ وَزَادَ وَإِنْ يُغْفَرْ لِيَ الْيَوْمَ حَسْبِي (قَالَ بن جَدْعَانَ قَالَ أَنَسٌ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ فَأُقَعْقِعُهَا) أخذ بن جَدْعَانَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ لَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَلِذَا صَرَّحَ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيُقَالُ مَنْ هَذَا فَيُقَالُ مُحَمَّدٌ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سُفْيَانُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا هَذِهِ الْكَلِمَةُ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ فَأُقَعْقِعُهَا (فَأُقَعْقِعُهَا) أَيْ أُحَرِّكُهَا لِتُصَوِّتَ وَالْقَعْقَعَةُ حِكَايَةُ حَرَكَةِ الشَّيْءِ يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ (فَيَقُولُونَ مَرْحَبًا) هَذَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ يُرَحِّبُونَ بِي (وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّفْعِيلِ أَيْ تُقْبَلَ شَفَاعَتُك
قَوْلُهُ (هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ فِي

الصفحة 466