كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

يَلِيقُ بِهِ لَا عَلَى مَعْنَاهُ الْعُرْفِيِّ فِي الْآدَمِيِّينَ كَنَظَائِرِهِ (أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ) اخْتُلِفَ فِي مَكَانِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ بَحْرُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَذَكَرَ الحافظ في الفتح أقوال مُخْتَلِفَةً فِيهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ (أَيْ رَبِّ) أَصْلُهُ رَبِّي حُذِفَتْ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ لِلتَّخْفِيفِ اكْتِفَاءً بِالْكَسْرِ (فَكَيْفَ لِي بِهِ) أَيْ كَيْفَ الِالْتِقَاءُ لِي بِذَلِكَ الْعَبْدِ (أَحْمِلُ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ زِنْبِيلٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقِيلَ لَهُ تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا
قال الْحَافِظُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحُوتَ كَانَ مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّحُ وَهُوَ حَيٌّ (فَهُوَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ ظَرْفٌ بِمَعْنَى هُنَاكَ وَقَالَتِ النُّحَاةُ هُوَ اسْمٌ يُشَارُ بِهِ إِلَى الْمَكَانِ الْبَعِيدِ أَيْ فَذَلِكَ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (فَتَاهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (وَهُوَ يُوشَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (بْنُ نُونٍ) مَصْرُوفٌ كَنُوحٍ
وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ هَذَا مِنْ أَوْلَادِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنَّمَا قَالَ فَتَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَخْدُمُهُ وَيَتْبَعُهُ وَقِيلَ كَانَ يَأْخُذُ الْعِلْمَ عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مَوْتِ مُوسَى (حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ) أَيِ الَّتِي عِنْدَ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالصَّخْرَةُ فِي اللُّغَةِ الْحَجَرُ الْكَبِيرُ (فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جَرْيَةَ الْمَاءِ) أَيْ جَرَيَانَهُ (حَتَّى كَانَ مِثْلَ الطَّاقِ) الطَّاقُ مَا عُطِفَ مِنَ الْأَبْنِيَةِ أَيْ جُعِلَ كَالْقَوْسِ مِنْ قَنْطَرَةٍ وَنَافِذَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ فَجَعَلَ لَا يَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ مِثْلَ الْكَوَّةِ (وَكَانَ لِلْحُوتِ سربا) أي مسلكا ومذهبا يسرب ويذهب فِيهِ (وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا) أَيْ شَيْئًا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ (آتِنَا غَدَاءَنَا) أَيْ طَعَامَنَا وَزَادَنَا (نَصَبًا) أَيْ شِدَّةً وَتَعَبًا (لَمْ يَنْصَبْ) أَيْ لَمْ يَتْعَبْ مِنْ بَابِ سَمِعَ يَسْمَعُ

الصفحة 468