كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى (إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنَ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ) أَيْ لَا أَعْلَمُ جَمِيعَهُ (وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنَ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ) أَيْ لَا تَعْلَمُ جَمِيعَهُ
وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْخَضِرَ كَانَ يَعْرِفُ مِنَ الْحُكْمِ الظَّاهِرِ مالا غِنًى بِالْمُكَلَّفِ عَنْهُ وَمُوسَى كَانَ يَعْرِفُ مِنَ الْحُكْمِ الْبَاطِنِ مَا يَأْتِيهِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ (رَشَدًا) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ عِلْمًا رَشَدًا أَيْ ذَا رَشَدٍ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ رَجُلٍ عَدْلٍ (إِنَّكَ لن تستطيع معي صبرا) كَذَا أُطْلِقَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِمْرَارِ النَّفْيِ لِمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مُوسَى لَا يَصْبِرُ عَلَى تَرْكِ الْإِنْكَارِ إِذَا رَأَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ عِصْمَتِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْهُ مُوسَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَةِ بَلْ مَشَى مَعَهُ لِيُشَاهِدَ مِنْهُ مَا اطَّلَعَ بِهِ عَلَى مَنْزِلَتِهِ فِي الْعِلْمِ الَّذِي اخْتُصَّ بِهِ (وَكَيْفَ تَصْبِرُ) اسْتِفْهَامٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ لِمَ
قُلْتَ أَنِّي لَا أَصْبِرُ وَأَنَا سَأَصْبِرُ قَالَ كَيْفَ تَصْبِرُ (عَلَى مَا لم تحط به خبرا) أَيْ عِلْمًا (فَانْطَلَقَ الْخَضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ) لَمْ يَذْكُرْ فَتَى مُوسَى وَهُوَ يُوشَعُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ غير مقصود بالأصالة (فكلما هم) أي أهل السفينة (بِغَيْرِ نَوْلٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ (فَنَزَعَهُ) أَيْ قَلَعَهُ (إِمْرًا) أَيْ مُنْكَرًا
قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَوْ عَظِيمًا قَالَهُ قَتَادَةُ (لَا تؤاخذني بما نسيت) كَلِمَةُ مَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً أَيْ بِاَلَّذِي نَسِيتُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ نَسِيتُهُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً أَيْ بِنِسْيَانِي وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً بِمَعْنَى شَيْءٍ أَيْ بِشَيْءٍ نَسِيتُهُ (لَا تُرْهِقْنِي) أَيْ لَا تُكَلِّفْنِي (عُسْرًا) أَيْ مَشَقَّةً فِي صُحْبَتِي إِيَّاكَ أَيْ عَامِلْنِي فِيهَا بِالْعَفْوِ وَالْيُسْرِ (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ) وَفِي رواية للبخاري

الصفحة 470