كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 8)

الْهَمْدَانِيُّ
قَوْلُهُ (مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا) أَيْ تَجِيئَنَا وَتَتَنَزَّلَ عَلَيْنَا (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ ربك) أَيْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قُلْ يَا جِبْرِيلُ مَا نَتَنَزَّلُ وَقْتًا غِبَّ وَقْتٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ عَلَى مَا تَقْتَضِيه حِكْمَتُهُ (لَهُ مَا بين أيدينا) أَيْ أَمَامَنَا مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ (وَمَا خَلْفَنَا) مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَتَمَامُ الْآيَةِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ مَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ
أَيْ لَهُ عِلْمُ ذَلِكَ جميعه وما كان ربك نسيا أَيْ نَاسِيًا يَعْنِي تَارِكًا لَكَ بِتَأْخِيرِ الْوَحْيِ عنك كذا في الجلالين
وقال الحافظ بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ قِيلَ الْمُرَادُ بِمَا بَيْنَ أَيْدِينَا أَمْرُ الدُّنْيَا وَمَا خَلْفَنَا أَمْرُ الْآخِرَةِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا وَالسُّدِّيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَقِيلَ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَمَا خَلْفَنَا أَيْ مَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يُرْوَى نَحْوُهُ عن بن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وبن جريج والثوري واختاره بن جَرِيرٍ أَيْضًا انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد البخاري وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ
قَوْلُهُ (عَنْ قَوْلِ اللَّهِ) وإن منكم إلا واردها
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْوُرُودِ فِي الْآيَةِ فَقِيلَ هُوَ الدُّخُولُ روى عبد الرزاق عن بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي مَنْ سمع من بن عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى المؤمنين بردا وسلاما
وروى الترمذي وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ سَمِعْتَ مُرَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ يَرُدُّونَهَا أَوْ يَلِجُونَهَا ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْوُرُودِ الْمَمَرُّ عَلَيْهَا
رَوَاهُ

الصفحة 480