كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 8)

الْقَوْمُ إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيَهُمْ
قَالَ وَيَكُونُ أَرْنِ عَلَى وَزْنِ أَعْطِ بِمَعْنَى أَدِمِ الْحَزَّ وَلَا تَفْتُرْ مِنْ قَوْلِهِمْ رَنَوْتُ إِذَا أَدَمْتُ النَّظَرَ
وَفِي الصَّحِيحِ أَرْنِ بِمَعْنَى أَعْجِلْ وَإِنَّ هَذَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي هَلْ قَالَ أَرِنْ أَوْ قَالَ أَعْجِلْ انْتَهَى وَقَدْ رَدَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى بَعْضِ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ في شرح صحيح مسلم وقال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي صِيغَتِهَا وَمَعْنَاهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا حَرْفٌ طَالَ مَا اسْتَثْبَتَ فِيهِ الرُّوَاةُ وَسَأَلْتُ عَنْهُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَقْطَعُ بِصِحَّتِهِ وَقَدْ طَلَبْتُ لَهُ مَخْرَجًا فَرَأَيْتُهُ يَتَّجِهُ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرَانَ الْقَوْمُ فَهُمْ مُرِينُونَ إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيَهُمْ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَهْلِكْهَا ذَبْحًا وَأَزْهِقْ نَفْسَهَا بِكُلِّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ غَيْرَ السِّنِّ وَالظُّفْرِ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ إِأْرَنْ بِوَزْنِ إِعْرَنْ مِنْ أرن يأرن إذ نَشِطَ وَخَفَّ يَقُولُ خِفَّ وَأَعْجِلْ لِئَلَّا تَقْتُلَهَا خَنْقًا وَذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الْحَدِيدِ لَا يَمُورُ فِي الذَّكَاةِ مَوْرَهُ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى أَدِمِ الْحَزَّ وَلَا تَفْتُرْ مِنْ قَوْلِكَ رَنَوْتُ النَّظَرَ إِلَى الشَّيْءِ إِذَا أَدَمْتُهُ أَوْ يَكُونَ أراد أدم النظر إليه وراعه يبصرك لِئَلَّا تَزِلَّ عَنِ الْمَذْبَحِ وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بِوَزْنِ إِرْمِ
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ كُلُّ مَنْ عَلَاكَ وَغَلَبَكَ فَقَدْ رَانَ بِكَ وَرِينَ بِفُلَانٍ ذَهَبَ بِهِ الْمَوْتُ وَأَرَانَ الْقَوْمُ إِذَا رِينَ بِمَوَاشِيهِمْ أَيْ هَلَكَتْ وَصَارُوا ذَوِي رَيْنٍ فِي مَوَاشِيهِمْ فَمَعْنَى إِرْنِ أَيْ صرذا رَيْنٍ فِي ذَبِيحَتِكَ
وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَ أَرَانَ تَعْدِيَةَ رَانَ أَيْ أَزْهِقْ نَفْسَهَا
انْتَهَى كَلَامُ بن الْأَثِيرِ (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) أَيْ أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بكثرة شبه يجري الْمَاءِ فِي النَّهَرِ وَالْإِنْهَارُ الْإِسَالَةُ وَالصَّبُّ بِكَثْرَةٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا شَرْطِيَّةً وَمَوْصُولَةً وَقَوْلُهُ فَكُلُوا جَزَاءٌ أَوْ خَبَرٌ وَاللَّامُ فِي الدَّمِ بَدَلٌ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَذُكِرَ اسم الله حال منه انتهى
قال القارىء وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَطْفٌ عَلَى أَنْهَرَ الدَّمَ سَوَاءٌ تَكُونُ مَا شَرْطِيَّةً أَوْ مَوْصُولَةً انْتَهَى (مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ أَوْ ظُفُرٌ) بِضَمَّتَيْنِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الثَّانِي وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ شَاذٌّ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سِنًّا أَوْ ظُفُرًا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَمْ يَكُنْ أَيْ مَا لَمْ يَكُنِ الْمُنْهَرُ سِنًّا أَوْ ظُفُرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَكَلِمَةُ لَمْ يَكُنْ تَامَّةٌ (أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ) أَيْ وَكُلُّ عَظْمٍ لَا يَحِلُّ بِهِ الذَّبْحُ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ فَلَا تَذْبَحُوا بِهِ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِالدَّمِ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعِظَامِ لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ لِكَوْنِهَا زَادَ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ السِّنَّ وَالظُّفُرَ لَا يقع

الصفحة 14