كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 8)

([2844] باب اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِهِ)
(مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا) أَيِ اقْتَنَاهُ وَحَفِظَهُ وَأَمْسَكَهُ (إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ) وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ لِحِفْظِ الْمَاشِيَةِ عِنْدَ رَعْيِهَا
وإلا بمعنى غير صفة لكلبا لَا لِلِاسْتِثْنَاءِ لِتَعَذُّرِهِ (أَوْ صَيْدٍ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ كَلْبٌ مُعَلَّمٌ لِلصَّيْدِ (أَوْ زَرْعٍ) كَلْبُ الزَّرْعِ هُوَ مَا يُتَّخَذُ لِحِرَاسَتِهِ (كُلَّ يَوْمٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ (قِيرَاطٌ) الْقِيرَاطُ هُنَا مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ نَقْصُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَمَلِهِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ نِصْفُ دَانَقٍ وَهُوَ سُدُسُ الدِّرْهَمِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[2845] (أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ) قَالَ الطِّيبِيُّ إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلا أمم أمثالكم أَيْ أَمْثَالُكُمْ فِي كَوْنِهَا دَالَّةٌ عَلَى الصَّانِعِ وَمُسَبِّحَةٌ لَهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ إِفْنَاءَ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ وَإِعْدَامِ جِيلٍ مِنَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ مَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا وَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْحِكْمَةِ وَضَرْبٌ مِنَ الْمَصْلَحَةِ يَقُولُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا وَلَا سَبِيلَ إِلَى قَتْلِهِنَّ فَاقْتُلُوا شِرَارَهُنَّ وَهِيَ السُّودُ الْبُهُمُ وَأَبْقُوا مَا سِوَاهَا لِتَنْتَفِعُوا بِهِنَّ فِي الحراسة
وعن إسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَحِلُّ صَيْدُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ انْتَهَى
وَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ من حديث بن عُمَرَ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ

الصفحة 34