كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 8)

4 - (بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّخُولِ فِي الْوَصَايَا)
[2868] أَيْ فِي دُخُولِ الْوَصِيِّ (فِي الْوَصَايَا) وَقَبُولِ الْوَصِيِّ وَصِيَّةَ الْمُوصِي هَلْ يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ وَصِيًّا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَقْبَلَ وَصِيَّةَ الْمُوصِي أَمْ هُوَ خَاصٌّ بِمَنْ هُوَ مُتَيَقِّظٌ عَارِفٌ بِالتَّدَابِيرِ وَالسِّيَاسَةِ وَقَادِرٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْوِلَايَةِ وَقَطْعِ مَفَاسِدِهَا
وَالْوَصَايَا جَمْعُ الْوَصِيَّةِ اسْمٌ مِنَ الْإِيصَاءِ وَرُبَّمَا سُمِّيَ بِهَا الْمُوصَى بِهِ يُقَالُ هَذِهِ وَصِيَّةٌ أَيِ الْمُوصَى بِهِ
وَالْوَصِيُّ وَالْمُوصَى مَنْ يُقَامُ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الرَّجُلِ وَأَطْفَالِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ أَنَّ الْوَصِيَّ يُفَوَّضُ إِلَيْهِ الْحِفْظُ وَالتَّصَرُّفُ وَالْقَيِّمُ يُفَوَّضُ إِلَيْهِ الْحِفْظُ دُونَ التَّصَرُّفِ
كَذَا فِي الشَّرْحِ
(ضَعِيفًا) أَيْ غَيْرَ قادر على تحصيل ما يصلح الإمارة ودرء لِلْمَفَاسِدِ (مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي) أَيْ مِنَ السَّلَامَةِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ وَقِيلَ تَقْدِيرُهُ أَيْ لَوْ كَانَ حَالِي كَحَالِكَ فِي الضَّعْفِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (فَلَا تَأَمَّرَنَّ) أَيْ لَا تَصِرْ أَمِيرًا (وَلَا تَوَلَّيَنَّ) أَيْ لَا تَصِرْ مُتَوَلِّيًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَلِّيًا وَكَانَ سَيِّدَ الْوُلَاةِ وَكَانَ حَاكِمًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ لَكَ إِلَخْ
وَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْإِمَامَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أُحِبُّ لِنَفْسِي لَوْ كَانَ حَالِي كَحَالِكَ فِي الضَّعْفِ لِأَنَّ لِلْوِلَايَةِ شَرْطَيْنِ الْعِلْمُ بِحَقَائِقِهَا وَالْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِهَا وَدَرْءِ مَفَاسِدِهَا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فَإِذَا فُقِدَ الشَّرْطَانِ حَرُمَتِ الْوِلَايَةُ انْتَهَى
قلت وفي الطبراني من حديث بن عُمَرَ مَرْفُوعًا الْإِمَامُ الضَّعِيفُ مَلْعُونٌ كَذَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

الصفحة 50