كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 8)

وَالنَّسَائِيُّ
قَالَ بَعْضُهُمْ عَمَلُ الْمَيِّتِ مُنْقَطِعٌ لِمَوْتِهِ لَكِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمَّا كَانَ هُوَ سَبَبُهَا مِنَ اكْتِسَابِهِ الْوَلَدَ وَبَثِّهِ الْعِلْمَ عِنْدَ مَنْ حَمَلَهُ عَنْهُ أَوْ إِبْدَاعِهِ تَأْلِيفًا بَقِيَ بَعْدَهُ وَوَقْفِهُ هَذِهِ الصَّدَقَةَ بَقِيَتْ لَهُ أُجُورُهَا مَا بَقِيَتْ وَوُجِدَتْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْوَقْفِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

4 - (بَاب مَا جَاءَ فِي من مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ)
[2881] يُتَصَدَّقُ عَنْهُ (افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا) بِالْفَاءِ السَّاكِنَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ وَاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَاتَتْ فَجْأَةً وَأُخِذَتْ نَفْسَهَا فَلْتَةً
وَيُرْوَى بِنَصْبِ النَّفْسِ بِمَعْنَى افْتَلَتَهَا اللَّهُ نَفْسَهَا يُعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ كَمَا اخْتَلَسَهُ الشَّيْءُ وَاسْتَلَبَهُ إِيَّاهُ فَبُنِيَ الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ فَصَارَ الْأَوَّلُ مُضْمَرًا لِلْأُمِّ وَبَقِيَ الثَّانِي مَنْصُوبًا وَبِرَفْعِهَا مُتَعَدِّيًا إِلَى وَاحِدٍ نَابَ عَنِ الْفَاعِلِ أَيْ أُخِذَتْ نَفْسُهَا فَلْتَةً كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْحَدِيثِ إِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ

[2882] (أَنَّ رَجُلًا) هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ (فَإِنَّ لِي مَخْرَفًا) أَيْ حَائِطًا مَخْرَفًا
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَّ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ آخِرِهِ فَاءٌ اسْمٌ لِلْبُسْتَانِ أَوْ وَصْفٌ لَهُ أَيِ الْمُثْمِرِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا يُخْرَفُ مِنْهُ أَيْ يُجْنَى مِنَ الثَّمَرَةِ تَقُولُ شَجَرَةٌ مِخْرَافٌ وَمِثْمَارٌ
قَالَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَخْرَفُ بِغَيْرِ الْأَلِفِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

الصفحة 63