كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 8)

الْمُحْكَمَةُ هِيَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَاشْتُرِطَ فِيهَا الْإِحْكَامُ لِأَنَّ مِنَ الْآيِ مَا هُوَ مَنْسُوخٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِنَاسِخِهِ
وَالسُّنَّةُ الْقَائِمَةُ هِيَ الثَّابِتَةُ مِمَّا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَنِ الْمَرْوِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْفَرِيضَةِ الْعَادِلَةِ قَرِيبًا مِمَّا فِي فتح الودود
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْإِفْرِيقِيِّ وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بِإِفْرِيقِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِهَا وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ التَّنُوخِيُّ قَاضِي إِفْرِيقِيَّةَ وَقَدْ غمزه البخاري وبن أَبِي حَاتِمٍ

([2886] بَاب فِي الْكَلَالَةِ)
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ الْكَلَالَةُ الْمَيِّتُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدٍ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ اللُّغَوِيِّينَ وَقَالَ بِهِ علي وبن مَسْعُودٍ
أَوِ الَّذِي لَا وَالِدَ لَهُ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ
أَوِ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ
أَوْ مَنْ لَا يَرِثُهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ
وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَالْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ وَقِيلَ الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ مَا عَدَا الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ
قَالَهُ قُطْرُبٌ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ بِذَهَابِ طَرَفَيْهِ تَكَلَّلَهُ الْوَرَثَةُ أَيْ أَحَاطُوا بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ انْتَهَى
(يَعُودُنِي) مِنَ الْعِيَادَةِ (وَصَبَّهُ) أَيْ صَبَّ مَاءَ وَضُوئِهِ (فَأَفَقْتُ) أَيْ مِنْ إِغْمَائِي (وَلِي أَخَوَاتٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَانَ جَابِرٌ يَوْمَ نُزُولِ الْآيَةِ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٍ
قَالَ وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ حَرَامٍ أَبَا جَابِرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَنَزَلَتْ آيَةُ الْكَلَالَةِ فِي آخِرِ عُمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ) وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى يوصيكم الله في أولادكم الآية (يستفتونك) أي يستخبرونك في الكلالة وَالِاسْتِفْتَاءُ طَلَبُ الْفَتْوَى
وَتَمَامُ الْآيَةِ إِنِ امْرُؤٌ مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرهُ هَلَكَ أَيْ مَاتَ لَيْسَ له ولد أَيْ وَلَا وَالِدٍ وَهُوَ الْكَلَالَةُ وَلَهُ أُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ أَوْ أَبٍ فَلَهَا نِصْفُ مَا ترك وَهُوَ أَيِ الْأَخُ كَذَلِكَ يَرِثُهَا جَمِيعَ مَا تركت إن لم يكن لها ولد فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ ذَكَرٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ أُنْثَى فَلَهُ مَا فَضَلَ عَنْ نَصِيبِهَا
وَلَوْ كَانَتِ الْأُخْتُ أَوِ الْأَخُ مِنْ أُمٍّ فَفَرْضُهُ السُّدُسُ

الصفحة 67