كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

أي إنعاماً منَّا وهو علةٌ لنجينا {كذلك} أي مثلَ ذلك الجزاءِ العجيبِ {نَجْزِى مَن شَكَرَ} نعمتنَا بالإيمانِ والطاعةِ
{وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ} لوطٌ عليهِ السَّلامُ {بَطْشَتَنَا} أي أَخذتَنَا الشديدةَ بالعذابِ {فَتَمَارَوْاْ} فكذَّبوا {بالنذر} متشاكينَ
{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ} قصدُوا الفجورَ بهم {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} فمسحنَاها وسوَّيناها كسائرِ الوجه روى أنه لَمَّا دخلُوا دارَهُ عنوةً صفقَهُم جبريلُ عليهِ السَّلامُ صفقةً فتركهُم يترددونَ لا يهتدونَ إلى البابِ حتَّى أخرجُهم لوطٌ عليه السَّلامُ {فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ} أي فقلُنَا لهُم ذُوقوا على ألسنةِ الملائكةِ أو ظاهرُ الحالِ والمرادُ به الطمسُ فإنَّه من جملةِ ما أُنذرُوه من العذابِ
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً} وقُرِىءَ بكرةَ غيرَ مصروفةٍ على أنَّ المرادَ بها أولُ نهار مخصوصة {عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} لا يفارقُهم حتى يسلموا إلى النارِ وفي وصفِه بالاستقرار إيماءٌ إلى أنَّ ما قبلَهُ من عذابِ الطمسِ ينتهِي إليهِ
{فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ} حكايةً لما قيل حينئذٍ من جهتِه تعالى تشديداً للعذابِ
{ولقد يسرنا القرآن لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} مرَّ ما فيه من الكلام
{ولقد جاء آل فِرْعَوْنَ النذر} صُدِّرتْ قصتُهم بالتوكيدِ القسمِي لإبرازِ كمالِ الاعتناءِ بشأنِها لغايةِ عظمِ ما فيَها من الآياتِ وكثرتِها وهولِ ما لاقَوه منَ العذابِ وقوة إيجابِها للاتعاظِ والاكتفاءُ بذكرِ آلِ فرعونَ للعلمِ بأنَّ نفسَه أَوْلى بذلكَ أي وبالله لقد جاءهُم الإنذاراتُ وقولُه تعالى
{كذبوا بآياتنا} استئناف مبني على سؤال نشأَ من حكايةِ مجيءِ النذرِ كأنَّه قيلَ فمَاذا فعلُوا حينئذٍ فقيلَ كذَّبُوا بجميع آياتنا وهي الآيت التسعُ {فأخذناهم أَخْذَ عِزِيزٍ} لا يُغالبُ {مُّقْتَدِرٍ} لا يُعجزه شيءٌ
{أكفاركم} يا معشرَ العربِ {خَيْرٌ} قوةً وشدةً وعُدّةً وعدةً أو مكانةً {مّنْ أُوْلَئِكُمْ} الكفارِ المعدودينَ والمَعُنى أنه أصابَهُم مَا أصابَهُم مع ظهورِ خيريتِهم منكُم فيما ذُكِرَ

الصفحة 173