كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

55 50
أمرُ التكوينِ أو مقدراً مكتوباً في اللوحِ قبلَ وقوعِه وكلَّ شيءٍ منصوبٌ بفعلِ يفسِّره ما بعدَهُ وقرىء بالرفع على أنه مبتدأٌ وخلقناهُ خبرُهُ
{وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ واحدة} أي كلمةٌ واحدةٌ سريعةُ التكوينِ وهُو قولُه تعالَى كُنْ أو إلا فعلةٌ واحدةٌ هو الإيجادُ بلا معالجةٍ {كَلَمْحٍ بالبصر} في اليُسرِ والسرعةِ وقيلَ معناهُ قولُه تعالَى وَمَا أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أشياعكم} أي أشباهَكُم في الكفرِ من الأممِ وقيل أتباعَكُم {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} يتعظُ بذلكَ
{وَكُلُّ شَىْء فَعَلُوهُ} من الكفرِ والمعاصِي مكتوبٌ على التفصيلِ {فِى الزبر} أي في ديوانِ الحفظةِ
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ} من الأعمالِ {مُّسْتَطَرٌ} مسطورٌ في اللوحِ المحفوظِ بتفاصيلِه ولما كانَ بيانُ سوءِ حالِ الكفرةِ بقولِه تعالى إِنَّ المجرمين مِمَّا يستدعِي بيانَ حُسنِ حال المؤمنن ليتكافأَ الترهيبُ والترغيبُ بيّن ما لَهُم من حسنِ الحالِ بطريقِ الإجمالِ فقيلَ
{إن المتقين} أي من الكُفر والمَعاصي {فِي جنات} عظيمةِ الشأنِ {وَنَهَرٍ} أي أنهارٍ كذلكَ والإفرادُ للاكتفاءِ باسمِ الجنسِ مراعاةً للفواصلِ وقُرِىءَ نُهْرٍ جمعُ نَهَرٍ كأُسْدٍ وأَسدٍ
{فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ} في مكانٍ مرضيَ وقُرِىءَ في مقاعدِ صدقٍ {عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ} أي مقربينَ عند مليكٍ لا يُقادَرُ قدرُ ملكِه وسلطانِه فلا شيءَ إلاَّ وهو تحتَ ملكوتِه سُبحانه ما أعظمَ شأنَهُ عن رسول الله صلى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ القمرِ في كلِّ غِبَ بعثَهُ الله تعالى يومَ القيامةِ ووجهُه مثلُ القمر ليلة بدر

الصفحة 175