كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

61 70
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} مبتدأٌ وَخبرٌ أيْ ومنْ دونِ تينكَ الجنَّتينِ الموعودتينِ للخائفينِ المقربينِ جنتانِ أخريان لمن دونهن من أصحابِ اليمينِ
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى {مُدْهَامَّتَانِ} صِفةٌ لجنَّتانِ وسِّط بينهُمَا الاعتراضُ لما ذُكِرَ من التَّنبيه على أنَّ تكذيبَ كلَ من الموصوفِ والصفةِ حقيقٌ بالإنكارِ والتوبيخِ أيْ خضراوانِ تضربانِ إلى السوادِ من شدةِ الخُضرةِ وفيه إشعارٌ بأنَّ الغالبَ على هاتينِ الجنتينِ النباتُ والرياحينُ المنبسطةُ على وجهِ الأرض وعلى الأولين الأشجار والفواكه
{فبأي آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} أيْ فوَّارتانِ بالماءِ والنضح أكثرُ من النضح بالحاءِ المهملةِ وهُو الرَّشُّ
{فبأي آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} {فِيهِمَا فاكهة وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} عُطفَ الأخيرانِ على الفاكهةِ عَطفَ جبريلَ وميكالَ على الملائكةِ بياناً لفضلِهما فإنَّ ثمرةَ النخل فاكهةٌ وغذاءٌ والرمانُ فاكهةٌ ودواءٌ وعنْ هَذا قالَ أبو حنيفة رحمه الله مَنْ حلفَ لا يأكلُ فاكهةً فأكلَ رمَّاناً أو رُطباً لم يحنثْ
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى {فِيهِنَّ خيرات} صفةٌ أُخرى لجنتانِ كالجُملةِ التي قبلَها والكلامُ في جميعِ الضميرِ كالَّذي مرَّ فيمَا مرَّ وخيراتٌ مخففةٌ من خَيِّراتٍ لأنَّ خَيْراً الذي بَمعْنى أخيرَ لا يجمعُ وقد قرئ على الأصلِ {حِسَانٌ} أي حسانُ الخَلْقِ والخُلُقِ

الصفحة 186