كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

78 7 {
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى {حُورٌ} بدلٌ من خيراتٌ {مقصورات فِى الخيام} قُصرنَ في خُدورِهنَّ يقالُ امرأةٌ قصيرةٌ وقَصورةٌ أيْ مُخدَّرةٌ أو مَقْصُوراتُ الطرفِ عَلَى أَزْواجِهنَّ وقيلَ إنَّ الخيمةَ من خيامِهنَّ درَّةٌ مجوَّفةٌ
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ} كالذي مرَّ في نظيرِه من جميعِ الوجوه
{فبأي آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} {مُتَّكِئِينَ} نُصبَ على الاختصاصِ {على رَفْرَفٍ خضر} الرفرف إمَّا اسمُ جنسٍ أو اسمُ جمعٍ وَاحِدُهُ رفرفةٌ قيل هو ماتدلى من الأسرّةِ من أَعَالِي الثيابِ وقيلَ هو ضربٌ منَ البُسطِ أو البُسطُ وقيلَ الوسائدُ وقيل النمارقُ وقيل كلُّ ثوبٍ عريضٍ رفرف وقيل لأطرافِ البسطِ وفضولِ الفُسطاطِ رفارفُ ورفرفُ السحابِ هيدبُهُ {وَعَبْقَرِىّ حِسَانٍ} العبقريُّ منسوبٌ إلى عبقرٍ تزعمُ العربُ أنَّه اسمُ بلدِ الجِنِّ فينسبونَ إليهِ كلَّ شيءٍ عجيبٍ والمرادُ به الجنسُ ولذلكَ وصفَ بالجمعِ حَمْلاً على المَعْنى كَما في رفرفٍ على أحدِ الوجهينِ وقُرىء عَلَى رَفَارِفَ خُضُر بضمَّتينِ وعَبَاقريَ كمدائِني نسبة إلى عباقرَ في اسمِ البلد
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى {تبارك اسم رَبّكَ} تنزيهٌ وتقديسٌ له تعالَى فيه تقريرٌ لما ذُكِرَ في السورةِ الكريمةِ من آلائِه الفائضةِ على الأنامِ أي تعالَى اسُمه الجليلُ الذي من جُمْلتِه ما صُدِّرتْ به السورةُ من اسم الرحمن المنبىءِ عن إفاضتِه الآلاءَ المُفصَّلةَ وارتفعَ عمَّا لاَ يليقُ بشأنِه من الأمور التي من جملتها جحودُ نعمائِه وتكذيبُها وإذا كان حال اسمه بملامسة دلالتِه عليهِ فما ظنُّك بذاتِه الأقدسِ الأَعْلى وقيل الاسمُ بمَعْنى الصفةِ وقيلَ مقحمٌ كما في قولِ من قال ... إلى الحولِ ثم اسمُ السلام عليكما ... {ذِى الجلال والإكرام} وصفَ به الربُّ تكميلاً لما ذُكِرَ من التنزيهِ والتقريرِ وقُرِىءَ ذُو الجلال على أنَّه نعتٌ للاسمِ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم من قرأ سروة الرحمن أدَّى شكرَ ما أنعم الله عليه

الصفحة 187