كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)
سورة
فصلت آية (1 5)
} 5
سورة فصلت مكية وآياتها أربع وخمسون آية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرحيم}
{حم} إنْ جُعلَ إسماً للسورةِ فهو إما خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ وهو الأظهرُ لما مر سرِّه مِراراً أو مبتدأٌ خبره
{تنزل} وهو عَلى الأولِ خبرٌ وخبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ إن جُعلَ مسروداً على نمطِ التعديدِ وقولُه تعالى {مّنَ الرحمن الرحيم} متعلقٌ به مؤكِّدٌ لما أفادَه التنوينُ من الفخامةِ الذاتيةِ بالفخامةِ الإضافيةِ أو خبرٌ آخرُ أو تنزيلٌ مبتدأٌ لتخصُّصِه بالصفةِ خبرُه
{كتاب} وهو على الوجوده الأُوَل بدلٌ منْهُ أو خبرٌ آخرُ أو خبرٌ لمحذوفٍ ونسبةُ التنزيلِ إلى الرحمن الرحيمِ للإيذانِ بأنه مدارٌ للمصالحِ الدينيةِ والدنيويةِ واقعٌ بمقتضى الرحمةِ الربانيةِ حسبما ينبيء عنه قوله تعالى {وَمَا أرسلناك إِلاَّ رحمة للعالمين} {فصلت آياته} ميرت بحسبِ النظمِ والمَعنْى وجُعلتْ تفاصيل في اساليب مختلة ومعانٍ متغايرةٍ من أحكامٍ وقصصٍ ومواعظَ وأمثالٍ ووعدٍ ووعيد وفرىء فُصِلَتْ أي فَرَقتْ بينَ الحقِّ والباطلِ أو فُصلَ بعضُها من بعضٍ باختلافِ الأساليب والمعان من قولكَ فصَل من البلد فصولاً {قرآنا عَرَبِيّاً} نصبَ على المدحِ أو الحاليةِ من كتابٌ لتخصصه بالصفة أو من آياته {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي معانيَهُ لكونِه على لسانِهم وقيلَ لأهل العلم والنظر لأنهم المنتفعونَ به واللامُ متعلة بمحذوفٍ هو صفةٌ أُخْرى لقرآناً أي كائناً لقومٍ الخ أو بتنزيلٌ على أنَّ منَ الرحمن الرحيمِ ليستْ بصفة له أو بفصِّلَتْ
{بَشِيراً وَنَذِيراً} صفتانِ أُخريانِ لقرآنا أي بشير الأهل الطاعة ونذيراً لأهل المعصية أو حالانِ منْ كتابٌ أو من آياتِه وقُرِئَا بالرفع على الوصفية لكتابٌ أو الخبريةِ لمحذوف {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ} عنْ تدبره مع كونه على لغتهم {فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} سماعَ تفكرٍ وتأمل حتى يفهموا اجلالة قدرِه فيؤمنُوا به
{وقالوا}
الصفحة 2
271