كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

ويشاهدونَهُ فيتبينونَ عند ذلكَ أنَّ القرآنَ تنزيلُ عالمِ الغيبِ الذي هُو عَلى كُلّ شَىْء شَهِيدٌ أي مطّلعٌ يستوِي عندَهُ غيبُه وشهادتُه فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حقٌّ وأنَّه منْ عندِه ولو لم يكن كذلك ما قُوِيَ هذه القوةَ ولما نُصرَ حاملُوه هذهِ النُصرةَ فتأملُ وأما ما قيلَ من أن المعنى أو لم يكفكَ أنِه تعالَى على كُلِّ شيءٍ شهيدٌ محققٌ له فيحقق أمرك بإظار الآياتِ الموعودةِ كما حققَ سائرَ الأشياءِ الموعودةِ فمع إشعارِه بما لا يليقُ بجلالةِ منصبِه عليه السلامُ من الترددِ فيما ذكر من تحقيق الموعودِ يرده قولُه تعالى
{أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍ مّن لّقَاء رَبّهِمْ} أي في شكَ عظيمٍ منْ ذلكَ بالبعثِ والجزاءِ فإنه صريحٌ في أن عدمَ الكفاية ة معتبر بالنسبة إلهم وقُرِىءَ مُريةٍ بالضمِّ وهُو لُغةٌ فيها {أَلاَ إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء مُّحِيطُ} عالمٌ بجميع الأشياء جملها وتفاضيلها وظواهرها بواطنها فلا تحفى عليها خافيةٌ منهم وهو مجازيهُمْ على كُفرِهم ومريتِهم ولا محالةَ عن رسولِ الله صلى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورة السجدة أعطاهُ الله تعالَى بكُلِّ حرفٍ عشرَ حسناتٍ والله أعلمُ

الصفحة 20