كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

} 4
نصرٌ على الوجوهِ المذكورةِ وقُرِىءَ نصراً وفتحاً قريباً على الاختصاصِ أو على المصدرِ أيْ تُنصرونَ نصراً ويُفتحُ لكم فَتْحاً أو عَلى البدليةِ من أُخرى على تقدير نصبِهَا أي يعطكُم نعمةً أُخرى نصراً وفتحاً {وَبَشّرِ المؤمنين} عطفٌ على محذوفٍ مثل قُل يأيها الذين وبشر أو على تؤمنونَ فإنَّه في معنى آمِنُوا كأنَّه قيلَ آمِنُوا وجاهِدُوا أيُّها المؤمنونَ وبشرْهُم يأيها الرسولُ بما وعدتَهُم على ذلك عاجلا وآجلا
{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ كُونُواْ أنصار الله} وقُرِىءَ أنصار الله بلاَ إضافةٍ لأن المَعْنَى كونُوا بعضَ أنصارِ الله وقُرِىءَ كونُوا أنتُم أنصارَ الله {كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أنصارى إِلَى الله} أي مَنْ جُندي متوجهاً إلى الله كما يقتضه قولُهُ تعالى {قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله} والإضافةُ الأُولى إضافةُ أحدِ المتشاركينِ إلى الآخرِ لما بينهُما من الاختصاصِ والثانيةُ إضافةُ الفاعلِ إلى المفعولِ والتشبيهُ باعتبارِ المَعْنَى أي كُونُواْ أنصارَ الله كَمَا كانَ الحواريونَ أنصارَهُ حينَ قال لهُم عيسى مَن أنصارِي إلى الله أو قُل لَهُم كونُوا كما قالَ عيسى للحواريينَ والحواريونَ أصفياؤُه وهم أولُ من آمنَ به وكانوا اثنيْ عشَرَ رجلاً {فآمنت طائفة من بني إسرائيل} أى بعيسى وطاعوه فيما أمرهم من نصرة الدين {وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} أُخرى به وقاتلوهم {فأيدنا الذين آمنوا على عَدُوِّهِمْ} أي قوَّيناهُم بالحجة أو بالسيفِ وذلكَ بعد رفع عيسى عليه السلامُ {فَأَصْبَحُواْ ظاهرين} غالبينَ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ الصفِّ كانَ عيسى مصلياً عليهِ مستغفراً له مادام في الدُّنيا وهُو يومَ القيامة رفيقه

الصفحة 246