كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 8)

15 - 16 17 18 19 20 الجاثية يخفِى وأنْ يرادَ كلا الفريقين وهو من أكثرُ تكلفاً وأشدُّ تمحلاً وقرئ ليُجْزَى قومٌ وليُجْزَى قوماً أي ليُجزَى الجزاءُ قوماً وقرئ لنَجْزِي بنونِ العظمةِ
{مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} لا يكادُ يسري عملٌ إلى غيرِ عاملِه
{ثُمَّ إلى رَبّكُمْ} مالكِ أمورِكم
{تُرْجَعُونَ} فيجازيكُم على أعمالِكم خيراً كانَ أو شراً
{ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب} أي التوراةَ
{والحكم} أي الحكمة النظرية والعلمية والفقهَ في الدِّينِ أو فصلَ الخصومات بينَ النَّاسِ إذْ كانَ الملكُ فيهم
{والنبوة} حيثُ كثُرَ فيهم الأنبياء مالم يكثرْ في غيرِهم
{وَرَزَقْنَاهُمْ من الطيبات} مما أخل الله تعالى من اللذائذِ كالمنِّ والسلوى
{وفضلناهم عَلَى العالمين} حيث آتيناهم مالم يؤت من عَداهُم من فلقِ البحر وإضلال الغمام ونظائرها وقيلَ على عالَمِي زمانِهم
{وآتيناهم بينات مّنَ الأمر} دلائلَ ظاهرةً في أمرِ الدينِ ومعجزاتٍ قاهرةً وقالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما هو العلمُ بمبعثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وما بين لهُم من أمرِه وأنَّه يُهاجرُ من تِهامةَ إلى يثربَ ويكونُ أنصارُه أهلَ يثربَ
{فَمَا اختلفوا} في ذلك الأمرِ
{إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العلم} بحقيقتِه وحقِّيتهِ فجعلُوا ما يوجبُ زوالَ الخلافِ مُوجباً لرسوخهِ
{بَغْياً بَيْنَهُمْ} أي عداوةً وحسداً لا شكاً فيه
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} بالمُؤاخذةِ والجَزَاءِ
{فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من أَمْرِ الدِّينِ
{ثُمَّ جعلناك على شَرِيعَةٍ} أي سنةٍ وطريقةٍ عظيمةِ الشَّأْنِ
{مِنَ الأمر} أي أمرِ الدينِ
{فاتبعها} بإجراءِ أحكامِها في نفسِك وفي غيرِك من غيرِ إخلالٍ بشيءٍ منَها
{وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الذين لاَ يَعْلَمُونَ} أي آراءَ الجهلةِ واعتقاداتِهم الزائغةَ التابعةَ للشهواتِ وهم رؤساءُ قريشٍ كانُوا يقولونَ له عليه الصلاة والسلام ارجعْ إلى دينِ آبائِك
{إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ الله شَيْئاً} مما أرادَ بكَ إن اتبعتَهُم
{وَإِنَّ الظالمين بعضَهم أولياءُ بَعْضٍ} لا يوُاليهم ولا يتبع أهواءهم إلأا من كان ظالما مثلها
{والله وَلِىُّ المتقين} الذين أنت قدوتهم قدم على ما أنت عليه من توليه خاصة الأعراض عمَّا سواهُ بالكُلِّيةِ
{هذا} أي القرآنُ أو اتباعُ الشريعةِ
{بَصَائِرَ لِلنَّاسِ}

الصفحة 71