كتاب الجوهر النقي (اسم الجزء: 8)

يدخل بيت المال فجعلنا (1) وضيعا عن المسلمين وعونا لهم قال لمن هناك وضع عقلهم إلى خمسمائة - قال أبو داود رواه ابن اسحق ومعمر عن الزهري نحو هذا وحديث ابن اسحق اتم واخرج ايضا في مراسيله بسند رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دية كل ذى عهد في عهده الف دينار - وقد تأيد هذا المرسل بمرسلين صحيحين وبعدة احاديث مسندة وان كان فيهما كلام وبمذاهب جماعة كثيرة من الصحابة ومن بعدهم فوجب ان يعمل به الشافعي كما عرف من مذهبه - وفى التمهيد روى ابن اسحق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في قضية بنى قريظة والنضير انه عليه السلام جعل ديتهم سواء دية كاملة - وعمر وعثمان قد اختلف عنهما وقد تقدم عن عثمان على موافقة هذه الاحاديث من وجوه عديدة بعضها في غاية الصحة كما قدمنا عن ابن حزم وهو الذى دل عليه ظاهر كتاب الله تعالى لانه تعالى قال ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى اهله - ثم قال وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة - والظاهر أن هذه الدية هي الدية وكذا فهم جماعة من السلف قال ابن أبى شيبة ثنا عبد الرحيم هو ابن سليمان عن اشعث هو ابن سوار عن الشعبى وعن الحكم وحماد عن ابراهيم قالا دية اليهودي والنصراني والحربي المعاهد مثل دية المسلم ونسأوهم على النصف من دية الرجال وكان عامر يتلو هذه الآية - وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى اهله - واشعث وان تكلموا فيه يسيرا فقد تقدم ان مسلما روى له متابعة واخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك - وقال ابن أبى شيبة ايضا ثنا اسمعيل بن ابراهيم عن ايوب عن الزهري سمعته يقول دية المعاهد دية المسلم وتلا الآية السابقة وهذا السند في غاية الصحة فلو كان مذهب عمر وعثمان كما ذهب إليه الشافعي لما تركت هذه الادلة لقولهما فكيف وقد اختلف عنهما - ثم ذكر البيهقى (عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال من كان له عهد أو ذمة فديته دية المسلم) ثم قال (منقطع موقوف) - قلت - هذا هو مذهب ابن مسعود مشهور عنه وان كان منقطعا وقد اخرج عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن مسعود قال دية المعاهد مثل دية المسلم -
وقال ذلك على ايضا وهو ايضا منقطع الا ان كلا منهما يعضد الآخر ويقويه - وذكر عبد الرزاق عن أبى حنيفة عن الحكم ابن عتيبة ان عليا قال دية اليهودي والنصراني وكل ذمى مثل دية المسلم - وذكر ايضا بسندين صحيحين عن النخعي والشعبى ان دية اليهودي والنصراني كدية المسلم - وذكر ايضا عن ابن جريج عن يعقوب بن عتبة واسمعيل بن محمد وصالح قالوا عقل كل معاهد من اهل الكفر ومعاهدة كعقل المسلمين ذكرانهم واناثهم جرت بذلك السنة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا قال عطاء ومجاهد وعلقمة والنخعي ذكره عنهم ابن أبى شيبة باسانيده - وفى التهذيب لابن جرير الطبري لا خلاف ان الكفارة في قتل المسلم والمعاهد سواء وهو تحرير رقبة فكذلك الدية ورد على من اوجب ما لا شك فيه وهو الاقل وذلك اربعة آلاف لليهودي وثمانمائة للمجوسي فقال هذه علة غير صحيحة والحكم بالاقل على غير اصل من كتاب وسنة وكل قائل يحتاج إلى دلالة على صحة قوله - وفى الاستذكار وقال أبو حنيفة واصحابه والثوري وعثمان البتى والحسن بن حى دية المسلم والذمى والمجوسي والمعاهد سواء وهو قول ابن شهاب وروى عن جماعة من الصحابة والتابعين وروى ابراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال كان أبو بكر وعمر وعثمان يجعلون دية اليهودي والنصراني الذميين مثل المسلم -
__________
(1) كذا ولعله - فجعلناه -

الصفحة 103