كتاب الجوهر النقي (اسم الجزء: 8)

عن ابن جريج عن عطاء عن أبى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البينة على من ادعى واليمين على من انكر لا في القسامة - ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي ان عمر كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة) إلى آخره ثم ذكر (ان الشافعي اجاب عنه بما يخالفون عمر في هذه القضية من الاحكام) - قلت - انما خالفوه في تلك الاحكام لانه قامت عندهم فيها ادلة اقوى من قول عمر رضى الله عنه وقد ذكر عيسى بن ابان في كتاب الحجج ان مخالفه قال قد تركتم من حديث عمر اشياء لانه كتب إلى عامله باليمن ابعث بهم إلى بمكة وانتم تقولون ترفع إلى اقرب القضاة وفيه انه استحلفهم في الحجر وانتم تنكرون ان يستحلف الا في مجلس الحكم حيث كان وفيه انه قال لعامله ابعث إلى بخمسين رجلا وعندكم الخيار للمدعى وفيه حقنتم بايمانكم دماءكم وعندكم ان لم يحلفوا لم يقتلوا ثم اجاب ابن ابان عن ذلك بما ملخصه انه اراد ان يتولى الحكم وان عامله لا يقوم فيه مقامه لينتشر في البلاد ويعمل به من بعده ولهذا فعله في اشهر المواضع وهو الحجر ليراه اهل الموسم وينقلوه إلى الآفاق ولا شك ان نواب كانوا يقضون في البلاد النائية ولو وجب حمل كل احد إليه لم يكتب إلى أبى موسى
وغيره في الاحكام ولهذا لم يستحلف عمر والائمة بعده احدا في الحجر وانما كتب عمر أن لا يقتل نفس دونه احتياطا واستعظاما للدم ولم يقل ابعث إلى بخمسين تتخيرهم انت ولم يكن يولى جاهلا فانما كتب إلى من يعلم ان الخيار للمدعين لانه لهم يستحلف فكيف يستحلف من لا يريدونه وانما قال حقنتم بايمانكم دماءكم لانهم لو لم يحلفوا حبسوا حتى يقروا فيقتلوا أو يحلفوا فايمانهم حقنت دماءهم إذ تخلصوا بها من القتل أو الحبس كقوله تعالى ويدرأ عنها العذاب ان تشهد - فلو لم تلاعن حبست حتى تلاعن فتنجوا وتقر فترجم - ثم ذكر البيهقى (ان الشافعي قيل له اثابت هو عندك أي قضية عمر فقال لا انما رواه الشعبى عن الحارث الاعور والحارث مجهول ونحن نروى بالاسناد الثابت انه بدأ بالمدعين فلما لم يحلفوا قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا واذ قال فتبرئكم فلا يكون عليهم غرامة ولما لم يقبل الانصاريون ايمانهم وداه عليه السلام ولم يجعل على يهود شيئا) - قلت لم يذكر احد فيما علمنا ان الشعبى رواه عن الحارث الاعور غير الشافعي ولم يذكر سنده في ذلك وقد رواه الطحاوي بسنده عن الشعبى عن الحارث الوادعى هو ابن الازمع وسيأتى ان مجالدا رواه عن الشعبى كذلك ورواية أبى اسحق لهذا الاثر عن الحارث هذا عن عمر امارة عن انه هو الواسطة لا الحارث الاعور كما زعم الشافعي ورواه ايضا عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن الحكم عن الحارث بن الازمع والحارث هذا ذكره أبو عمر وغيره في الصحابة وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين ثم ان الحارث الاعور وان تكلموا فيه فليس بمجهول كما زعم الشافعي بل هو معروف روى عنه الضحاك والشعبى والسبيعى وغيرهم وهذا الاثر وان كان منقطعا فقد عضده ما تقدم من الاحاديث وفى المهيد

الصفحة 124