كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

وشيعة أبي الدوانيق (¬1) قاتل محمد بن عبد الله (¬2) وأخيه إبراهيم عليهما السلام، وشيعة هارون الرشيد قاتل يحيى بن عبد الله (¬3)، لأنهم يعتقدون بغي من خرج على المُتَغَلِّب الظالم، كما صرح به ابن بطَّال، ويصوّبون (¬4) قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس، لأنهم بغاةٌ على قولهم.
أقول: اشتمل كلام السيد هنا على أوهامٍ كثيرةٍ، وهي تبين بالكلام على فصولٍ:
الفصل الأول: في بيان أن الفقهاء لا يقولون بأن الخارج على إمام الجَوْرِ باغٍ، ولا آثمٌ، وهذا واضحٌ من أقوالهم، ومعلومٌ عند أهل المعرفة بمذاهبهم، ويدلُّ عليه وجوهٌ:
الوجه الأول: نصُّهُم على ذلك وهو بَيِّنٌ لا يُدفع، مكشوفٌ لا يتقنَّع، قال النووي في كتاب " الروضة " (¬5) ما لفظه: الباغي في اصطلاح العلماء: هو
¬__________
(¬1) أبو الدوانيق: هو لقب الخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور المتوفى سنة 158. قال الذهبي في " السير " 7/ 83: كان يلقب أبا الدوانيق، لتدنيقه ومحاسبته الصناع لما أنشأ بغداد، وقال: كان فحل بني العباس هيبةً وشجاعة ورأياً وحزماً ودهاءً وجبروتاً، وكان جمَّاعاً للمال، حريصاً، تاركاً للهو واللعب، كامل العقل، بعيد الغور، حسن المشاركة في الفقه والأدب والعلم.
(¬2) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالنفس الزكية.
خرج هو وأخوه إبراهيم بن عبد الله على أبي جعفر المنصور. قتلا سنة (145) هـ. انظر " السير " 6/ 210 - 224.
(¬3) هو يحيى بن عبد الله بن الحسن، أخو محمد وإبراهيم ابني عبد الله السالف ذكرهما، دعا إلى نفسه بالخلافة، ومات محبوساً في خلافة هارون الرشيد سنة 180 هـ. انظر " تاريخ بغداد " 14/ 110 - 112.
(¬4) في (ش): " وتصويب ".
(¬5) 10/ 50 واسمه الكامل " روضة الطالبين وعمدة المفتين " اختصره الإمام النووي من كتاب أبي القاسم عبد الكريم الرافعي " فتح العزيز في شرح الوجيز " اختصاراً مركزاً بحيث =

الصفحة 12