كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)
الخامس: أنه قد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليس صلاة أثقل (¬1) على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممتُ أن آمر المؤذن يقيم، ثم آمر رجلاً يُؤمُّ الناس، ثم آخذ شُعلاً من نار فأحرِّق على من لا يخرج إلى الصلاة " رواه البخاري (¬2) في فضل صلاة العشاء في الجماعة من حديث عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة انفرد به البخاري من هذه الطريق، وقد رواه الجماعة من غير هذه الطريق كلهم (¬3). ذكره ابن الأثير في " جامع الأصول " (¬4) وجعل مالكاً عوض ابن ماجه، ورواه البخاري في وجوب الجماعة وفي الأحكام، والنسائي في الصلاة من ثلاث طرق عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة وليس في أوله ذكر أثقل الصلاة على المنافقين (¬5).
ووجه الحجة فيه أن ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - عزم على تنجيز العقوبة بما ظهر له من قرينة استمرارهم على ما هو أمارة النِّفاق، ولم يظهر أنه استند في ذلك إلى وحيٍ خاص، لأنه رتَّب العقوبة على ذلك، وهذا أقوى أدلة هذه الطائفة لما فيها من الهمِّ بإيقاع العقوبة على ذلك وتنفيذ الحكم.
السادس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم بالملاعنة (¬6) بالكذب لقرينة، فقال: "إن جاءت به أسود أعين ذا أليتين، فما أراه إلاَّ صدق عليها، وإن جاءت به أحمرَ
¬__________
(¬1) في (ف): " أبغض ".
(¬2) برقم (657).
(¬3) رواه البخاري (2420)، ومسلم (651)، وأبو داود (549)، والترمذي (217)، والنسائي 2/ 107، وأحمد 2/ 244 و314 و319 و367، وابن حبان (2097) و (2098)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(¬4) 5/ 566.
(¬5) البخاري (644) و (7224)، والنسائي 2/ 107، وهو في " الموطأ " 1/ 129، وانظر " ابن حبان " (2096).
(¬6) في (ف): " على الملاعنة ".