كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)
قصيراً كأنه وَحَرَةٌ، فما أراها إلاَّ صدقت" فجاءت به على المكروه من ذلك. رواه البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعدٍ الساعدي الأنصاري (¬1)، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " لولا الأيمان، لكان لي ولها شأن " (¬2) واحتج من العلماء من قال: إن الحاكم يحكم بعلمه، وعلمه هنا بالأمر الباطن لم يستند هنا إلاَّ بالقرائن (¬3).
السابع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكى مثل ذلك عمن تقدم من الأنبياء عليهمُ السلام، مثل ما ورد من حديث المرأتين المتنازعتين في الصبي: " وإن داود عليه السلام قضى به (¬4) للكبرى، فتخاصمتا إلى النبي سليمان، فقال: ائتوني بالسِّكِّين أقسِمُه بينهما نصفين، فرضيت الكبرى بذلك، فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله، هو لها "، فحكم به للصغرى لما ظهر من شفقتها عليه. رواه ... (¬5).
الثامن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم على رجل من الأنصار أنه مُضَارٌّ في قصة عِذْقِ النخلة الذي امتنع من بيعه من جاره بما يزيدُ عليه في المنفعة، ولا يرغبُ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (4745) من حديث مطول، وأخرجه مسلم (1493)، وليس فيه هذه القطعة، وانظر ابن حبان (4284) و (4285).
والوحرة: دويية شبه الوزغة تلزق بالأرض، جمعها: وحر، ومنه وحر الصدر، وهو الحقد والغيظ، سمي به لتشبثه بالقلب، ويقال: فلان وحر الصدر: إذا دبت العداوة في قلبه كدبيب الوَحَرِ.
(¬2) أخرجه من حديث ابن عباس البخاري (4747)، والترمذي (3179)، وأبو داود (2254) و (2256). وأخرجه من حديث أنس النسائي 6/ 171.
(¬3) في (ف): " إلى القرائن ".
(¬4) " به " ساقطة من (ش).
(¬5) بياض في (د) و (ف)، وفي (ش): " رواه الحاكم "، وهو خطأ، إنما رواه أحمد 2/ 322 و340، والبخاري (3427) و (6769)، ومسلم (1720)، والنسائي 8/ 234 - 235 و236، وابن حبان (5066) من حديث أبي هريرة.