كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

ذكره، وما سَلِمَ منهم إلاَّ علي بن الحسين لِصِغَرِهِ ومرضه، بل لمَّا قدره الله مِنْ أجله وخُروج الذرية الطاهرة من نسله، وكان قبل ذلك وفي خلاله مدمن خمرٍ متهتكاً (¬1) مجاهراً بذلك، وبذلك أوصى أصحابه، حيث قال في شعره المشهور:
أقول لصحبٍ ضمَّتِ الكأس شملهم ... وداعي صبابات الهوى يترنَّمُ
خذوا بنصيبٍ من نعيمٍ ولذةٍ ... فكلٌّ وإن طال المدى يتصرَّمُ
وقد كان مجاهراً بذلك متمتعاً به، وفي " صحيح البخاري ": " كلُّ أمتي معافى إلاَّ المجاهرين " (¬2). وروى أحمد بن حنبل في " مسنده " (¬3) من حديث ابن عباس: " مدمن الخمر إن مات، لقي الله كعابد وثنٍ ". ورواه العلامة ابن تيمية في " المنتقى "، لكن رواه ابن حبان (¬4) بزيادة، فقال: عن ابن عباسٍ مرفوعاً: " من لقي الله مدمن خمرٍ مستحلاًّ لشربه لقيه كعابد وثن ". فهذه الزيادة تدلُّ على تأويله إن صحت وسلمت من الإعلال، فينظر من زادها وعلى من زيدت ذكرها صاحب " أحكام أحاديث الإلمام " في كتاب الأشربة.
وروى النسائي (¬5) عن عثمان بن عفان أنه قال: والله لا يجتمع الإيمان
¬__________
(¬1) في (ش): " منهمكاً ".
(¬2) البخاري (6069)، ورواه أيضاً مسلم (2990) من حديث أبي هريرة.
(¬3) 1/ 272 من رواية الأسود بن عامر، عن الحسن بن صالح، عن محمد بن المنكدر، قال: حُدِّثتُ عن ابن عباس ... فذكره. وهذا إسناد رجاله ثقات غير راويه عن ابن عباس، فإنه مجهول.
(¬4) " ابن حبان " (5347)، وهو حديث ضعيف، وانظر تمام تخريجه فيه. وقول المصنف " بزيادة " وَهَمٌ منه، فإن هذه الزيادة ليست من الحديث، إنما هي من كلام ابن حبان، بَيَّنَ فيه المراد من الحديث، فقد قال بإثر روايته: يُشبه أن يكون معنى هذا الخبر: من لقي الله مدمن خمرٍ مستحلاً لشربه، لقيه كعابد وَثَنٍ، لاستوائهما في حالة الكفر.
(¬5) 8/ 315 - 316، ورواه أيضاً عبد الرزاق (17060)، والبيهقي 8/ 287 - 288.
ورواه ابن حبان (5348) مرفوعاً بإسناد ضعيف، والصواب وقفه كما قال الحافظان الدارقطني =

الصفحة 130