كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

محمد بن عليٍّ الطبري، الملقب عماد الدين، المعروف بالكيا الهَرَّاسي تلميذُ الجويني، ذكره ابن خَلِّكان في ترجمته من تاريخه المشهور (¬1)، وسيأتي لفظه في ذلك (¬2).
فتطابق نقلهم عن أئمتهم ونقل أئمتنا عن أئمتهم على تكذيب هذه الدعوى عليهم، مع أنها دعوى مجرَّدةٌ عن البيِّنة، مصادمة لنصوصهم البينة، فكانت من قبيل الافتراء، ولَحِقَتْ بالفحش المذموم في هجو الشعراء، وخرجت من أساليب الحكماء وشهدت على أن راويها ليس من العلماء.
الوجه الثاني: أن الكلام في الخروج على أئمة الجور عندهم من المسائل الظنية، فالذي يخرج على الجائر -مستحلاً لذلك- غير آثمٍ، لأنه عَمِلَ باجتهاده في مسألة ظنيةٍ فروعيَّةٍ، فلم يستحقُّ التأثيم، ولا يُوصف فعله ممن استحله بالتحريم.
ذكر ما يقتضي ذلك غير واحدٍ منهم، ممن ذكر ما يقتضي ذلك الرازي في كتابه " الأربعين في أصول الدين "، وشيخي النفيس العلوي (¬3)، بل ذكر الإمام
¬__________
(¬1) " وفيات الأعيان " 3/ 288. وقال عنه: كان من أهل طبرستان، وخرج إلى نيسابور، وتفقه على إمام الحرمين الجويني، وكان حسن الوجه جهوري الصوت، فصيح العبارة، حلو الكلام، ومن كلامه: إذا جالت فرسان الأحاديث في ميادين الكفاح، طارت رؤوس المقاييس في مهاب الرياح. وقال الذهبي: كان أحد الفصحاء ومن ذوى الثروة والحشمة، واتهم بأنه باطني، يرى رأي الإسماعيلية، فنمت له فتنة، وهو بريء من ذلك. و" الكيا " في اللغة العجمية: الكبير القدر، المقدم بين الناس. انظر: " السير " 19/ 350 - 352.
(¬2) ص 30.
(¬3) هو سليمان بن إبراهيم بن عمر بن علي بن عمر نفيس الدين أبو الربيع ابن البرهان العلوي، نسبة لعلي بن راشد بن بولان، برع في الحديث، وصار شيخ المحدثين ببلاد اليمن وحافظهم، له كتاب " الأربعين " في الحديث، و" إرشاد السالكين " في التصوف توفي سنة 825 هـ. انظر ترجمته في " إنباء الغمر " 7/ 474، و" الضوء اللامع " 3/ 259 - 260، و" شذرات الذهب " 7/ 170، و" فهرس الفهارس " 2/ 980.

الصفحة 14