كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتُحل حرم الله (¬1)، فقال (¬2): معاذ الله، إن الله كتب ابن الزبير وبني أمية مُحِلِّين، وإني والله لا أُحله أبداً (¬3).
فصرح البخاري بتصحيح ذم بني أمية، وأدخله في كتابه " الصحيح " الذي اختاره للمسلمين، وخلفه يعمل به من بعده، إلى يوم الدين، ولم يتأول ذلك ولا يضعفه، ولا عاب ذلك عليه أحدٌ من أهل السنة، ولا تركوا ذلك تقيَّةً من أعداء أهل البيت مع قوتهم وكثرتهم.
وذكر الحافظ شمس الدين عليُّ بن أبي بكر الهيثمي الشافعي في تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [المائدة: 27] من كتاب التفسير من " مجمع الزوائد " (¬4) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: " أشقى الناس ثلاثة: عاقر ناقة ثمود، وابن آدم الذي قتل أخاه " قال الهيثمي: وسقط من الأصل الثالث، والظاهر أنه قاتل علي رضي الله عنه، وفي إسناده محمد بن إسحاق صاحب " السيرة النبوية ".
¬__________
(¬1) في " البخاري ": ما حرم الله.
(¬2) في (د): " فقلت "، وهو تحريف.
(¬3) " البخاري " (4665) وقوله: " إن الله كتب " أي: قدر، وقوله " محلين " أي: أنهم كانوا يبيحون القتال في الحرم، وإنما نسب ابن الزبير إلى ذلك وإن كان بنو أمية هم الذين ابتدؤوه بالقتال وحصروه، وإنما بدأ منه أولاً رفعهم عن نفسه، لأنه بعد أن ردهم الله عنه، حصر بني هاشم ليبايعوه، فشرع فيما يؤذن إباحته القتال في الحرم، وكان بعض الناس يسمي ابن الزبير: المحل. وقوله: " لا أحله أبداً " أي: لا أبيح القتال فيه، وهذا مذهب ابن عباس أنه لا يقاتل في الحرم ولو قوتل فيه.
(¬4) 7/ 14، ولم ترد في المطبوع نسبته إلى مخرجه، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 3/ 61 - 62، وعزاه للطبراني، ولم يذكر الثالث. ومن رواية الطبراني أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 4/ 307 - 308، وقال: غريب من حديث سعيد، لم نكتبه إلاَّ من حديث سلمة، قلت: فيه بالإضافة إلى تدليس ابن إسحاق حكيم بن جبير، وهو ضعيف، وقال الهيثمي: متروك.

الصفحة 22