كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= والتبوذكي، وما أدري آفته من أين.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل، وهو ثقة، وثقه يحيى القطان وابن مهدي، قال: وشيخه يوسف بن سعد، ويقال: يوسف بن مازن رجل مجهول، ولا نعرف هذا الحديث على هذا اللفظ إلاَّ من هذا الوجه.
وتعقبه الحافظ ابن كثير في تفسيره 8/ 462 - 463، فقال: وقول الترمذي: إن يوسف هذا مجهول فيه نظر، فإنه قد روى عنه جماعة، منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال فيه يحيى بن معين: هو مشهور، وفي روايته عن ابن معين: هو ثقة، ورواه ابن جرير 30/ 260 من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن كذا قال، وهذا يقتضي اضطراباً في هذا الحديث والله أعلم.
ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جداً، قال شيخنا الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي: هو حديث منكر.
قلت: وقول القاسم بن الفضل الحداني: إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص، ليس بصحيح؛ فإن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- استقل بالملك حين سلَّم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين، واجتمعت البيعة لمعاوية، وسمي ذلك العام عام الجماعة، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها، لم تخرج عنهم إلاَّ مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريباً من تسع سنين، لكن لم تَزُل يدُهُم عن الإمرة بالكلية، بل عن بعض البلاد إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة، وذلك أزيد من ألف شهر، فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير، وعلى هذا فتقارب ما قاله للصحة في الحساب، والله أعلم.
ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم بني أمية، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق، فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم زمانهم، فإن ليلة القدر شريفة جداً، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة، بمقتضى هذا الحديث، وهل هذا إلاَّ كما قال القائل:
ألم تَرَ أن السيف ينقُصُ قدره ... إذا قيل: إن السيف أمضى من العصا
وقال آخر:
إذا أنت فضَّلتَ أمرأً ذا بَرَاعةٍ ... على ناقص، كان المديحُ من النقص =

الصفحة 24