كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)
مع سعتِهما انتقلتا إلى ذلك الحائط في الحقيقة، وإنما رآهما فيه كما ترى السماء في الماء. أو في المرآة تخيُّلاً لها هناك من غير حقيقةٍ، وإن كانت الرؤية بالمرآة حقيقة عند المخلصين من النُّظَّار، وإنما قصدتُ التمثيل، لانتقاش الصورة الكبيرة في الجسم الصغير، وفي احتجاجهم بهذا الحديث نظر، فإن ألفاظه الصحيحة تدل على أنها رؤيةٌ حقيقة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - هم أن يأخذ من الجنة عُنقُوداً وقال: " لو أخذتُه لأكلتُم منه عُمْرَ الدنيا " أو نحو ذلك، وليس في الحديث أنه رآهما في الحائط فيما علمت، إنما فيه أنه رآهما مطلقاً وقَرُبا منه، والله أعلم.
الحجة السابعة (¬1): قوله عليه السلام: " يُؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبشٍ أمْلَحَ " (¬2) الحديث إلى آخره، وقد ثبت عند جمهور علماء الكلام أنه يستحيل أن يكون الموت جسماً على الحقيقة.
الحجة الثامنة: قوله عليه السلام: " من رآني، فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثَّلُ بي " (¬3)، وهذه الرؤية حِسِّيَّة لا حقيقية، إذ لا تكون رؤيته عليه الصلاة والسلام بمعنى انتقال شخصه الشريف من روضة المدينة، بل على سبيل وجود
¬__________
= نعم قد ذكر في صلاة الكسوف رؤيته - صلى الله عليه وسلم - الجنة والنار من حديث عائشة وابن عمر وابن عباس، لكن لم يرد عندهم جملة: " من عُرض الحائط ". انظر " صحيح ابن حبان " (2832) و (2838) و (2841).
(¬1) كذا الأصول، فإما أن يكون الخطأ في العد، أو أنه سقط منه الحجة الخامسة والسادسة.
(¬2) تقدم تخريجه ص 276 من هذا الجزء.
(¬3) أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2/ 261 و342 و410 و425 و463 و469 و472، والبخاري (6993)، ومسلم (2216)، وأبو داود (5123)، والترمذي (2280)، وابن ماجه (3901)، وابن حبان (6051) و (6052).
وأخرجه من حديث أبي جحيفة ابن ماجه (3904)، وأبو يعلى (881)، والطبراني في " الكبير " 22/ (279) - (281) و (301)، وصححه ابن حبان (6053).