كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)
لا تعجبِو مِنْ بلى غِلالته (¬1) ... قد زُرَّ أزراره (¬2) على القمر (¬3)
قالوا: ولهذا يُبنى على علو القدر ما يبنى على علو (¬4) المكان، مثل قوله:
ويَصْعَدُ حتى يظن الجهول ... بأن له حاجةً في السماءِ (¬5)
كل هذا ذكره علماء المعاني والبيان، وقد رأيتُ أن أزيد على ما ذكروه من الأمثلة في هذا النوع مطابقةً لمقتضى الحال، فإن الحال يقتضي في كشف غطاء البيان لمسيس الحاجة إلى ذلك.
فمن ذلك كلامُ إمام البُلغاء في هذا المعنى العلامة الزمخشري رحمه الله في " كشافه " في تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة: 16]، فإنه (¬6) قد تكلم في هذا بما يشهد لما ذكرته (¬7)، فقال رحمه الله تعالى ما لفظه (¬8): فإن قلت: هب أن شِراء الضلالة بالهُدى وقع مجازاً في معنى الاستبدال، فما معنى ذكر الربح والتجارة، كأن ثم مبايعة على الحقيقة؟
¬__________
(¬1) في (ش): " غلائله ".
(¬2) في (ش): " أزرارها ".
(¬3) البيت لأبي الحسن بن طباطبا العلوي المتوفى سنة 332 هـ، وقبله:
يا من حكى الماءُ فرطَ رِقَّتِه ... وقلبه في قَسَاوةِ الحجرِ
يا ليت حظي كحظ ثوبك من ... جسمك يا واحداً من البشرِ
والغلالة شعار يلبس تحت الثوب. انظر " معاهد التنصيص " 2/ 129.
(¬4) عبارة "القدر ما يبنى على علو" ساقطة من (ش).
(¬5) البيت لأبي تمام حبيب بن أوس الطائي من قصيدة يرثي بها خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني، ومطلعها:
نعاءِ إلى كُلِّ حي نَعَاءِ ... فتى العرب اختَطَّ رَبْعَ الفناءِ
انظر " الديوان " ص 331، و" معاهد التنصيص " 2/ 152.
(¬6) في (ش): " لأنه ".
(¬7) في (ش): " ذكر ".
(¬8) " الكشاف " 1/ 192 - 194.