كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

كأن صُغرى وكُبرى من فَواقِعها ... حصباء دُرٍّ على أرضٍ من الذهبِ (¬1)
ومن لطائف هذا النوع: قول أبي نواس أيضاً في وصف هرٍّ أبيض في أطرافه حُمرةٌ:
عيونٌ من لُجَيْنٍ شاخصاتٍ (¬2) ... على أطرافها الذهبُ السبيكُ
على قُضْبِ الزبرجد شاهِداتٍ ... بأن الله ليس له شريكُ
وقد أذكر في الخوض في هذا قصةً طريفةً ذكرها ابن خلكان في " تاريخه " (¬3)، وذلك أن بعض الطلبة قرأ على أبي البقاء ابن يعيش (¬4):
أيا ظبية الوَعْسَاءِ بين جُلاجلٍ ... وبين النَّقا آأنتِ أمْ أمُّ سالمِ (¬5)
فقال الطالب: وكيف اشتبه ذلك عليه، والظبية لا تُشْبِهُ المرأة، فبيّن له أبو البقاء أن المراد: التشبيه في العُنُقِ والعينين، فلم يفهم، وأعاد السؤال عن وجه المشابهة بين المرأة والظبية، وقال: ما الذي المرأة فيه مثل الظبية، فقال أبو البقاء: في (¬6) قرونها وأظلافها.
¬__________
(¬1) " ديوانه " ص 243، وهو من أبيات مطلعها:
ساعٍ بكأسٍ إلى ناسٍ على طربٍ ... كلاهما عجبٌ في منظرٍ عَجبِ
(¬2) في (ف) و (د): " ناظرات ".
(¬3) " وفيات الأعيان " 7/ 48 - 49.
(¬4) هو العلامة موفق الدين أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش بن أبي السرايا الأسدي، المتوفى سنة 643 هـ. انظر ترجمته في " السير " 23/ 144.
(¬5) هو البيت الرابع والأربعون من قصيدة لذي الرُّمّة يمدح بها الملازم بن حريث الحنفي، مطلعها:
خليلي عُوجا الناعجات فسلما ... على طَلَلٍ بين النقا والأخارمِ
والوعثاء: رابية من الرمل من التيه تنبت أحرار البقول وجلاجل: موضع.
انظر " الديوان " 2/ 745 - 775.
(¬6) " في " ساقطة من (ش).

الصفحة 358