كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

وذكر العلامة الحافظ الكبير إسماعيل بن كثيرٍ الشافعي في كتابه " البداية والنهاية " (¬1) في الجزء الأول في ذكر آدم هذا الحديث، وأنه متواتر عن أبي هريرة، ورواه عن عمر من طريقين (¬2)، وعن أبي سعيد (¬3)، وعن جُندب بن عبد الله البجليِّ رواه أحمد (¬4)، وحديث عمر خرّجه أبو داود.
وذكر في تأويله وجوهاً كثيرة، ثم قال (¬5): والتحقيق أن هذا الحديث رُوِيَ بألفاظٍ كثيرةٍ، بعضها مروي بالمعنى، وفيه نظرٌ، ومدارُ معظمها في " الصحيحين " وغيرهما. على أنه لامَهُ على إخراجه نفسه وذرِّيته من الجنة، لا على المعصية نفسها، فقال آدم: أنا لم أُخرجكم، وإنما أخرجكُمُ الذي رتَّب الإخراج على أكلي من الشجرة (¬6)، والذي رتَّب ذلك وقدَّره وكتبه قبل أن أُخلقَ هو الله عز وجل، فأنت تلومني على ذلك، وليس من فعلي، وأنا لم أخرجكم من الجنة ولا نفسي، وإنما كان هذا من قدرة الله تعالى وصنعته، وله الحكمة في ذلك (¬7)، فلهذا حج آدم موسى.
¬__________
(¬1) 1/ 75 - 77.
(¬2) حديث عمر أخرجه أبو داود (4702)، والبزار (2146)، وأبو يعلى (243)، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 143 - 144، والآجري في " الشريعة " ص 180، وابن أبي عاصم في " السنة " (137)، وإسناده قوي.
(¬3) أخرجه البزار (2147)، وأبو يعلى (1204)، وقال الهيثمي في " المجمع " 7/ 191:
رواه أبو يعلى والبزار مرفوعاً، ورجالهما رجال الصحيح. قلت: رواية أبي يعلى موقوفة.
(¬4) 2/ 464، أخرجه الطبراني (1663)، وأبو يعلى، وابن أبي عاصم (143). قال الهيثمي في " المجمع " 7/ 191: رواه أحمد وأبو يعلى (1521)، والبزار، ورجالهم رجال الصحيح.
(¬5) 1/ 78 - 79.
(¬6) في (ف): " الشجر ".
(¬7) من قوله: " فأنت تلومني " إلى هنا ساقط من (ف).

الصفحة 362