كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)
على وُجوب الإعادة على المرتدِّ القطع بأنه قد حَبِطَ عمله، إذ لا نصٌّ شرعي فيه، فتأمَّل ذلك.
فإن قلت: أليس من خالف إجماع العترة فَسَقَ؟
قلت: ليس لك في هذا حجةٌ لوجوه:
الأول: عدم تسليم الإجماع ومستند المنع ما ذكره المنصور بالله من امتناع الحُكم بذلك، ويُوضِّحُه ما ذكره ابن حزم في " جمهرة النسب " من ذكر عُلمائهم وأئمتهم الذين (¬1) لم يسمع بهم قط، وما ذكره أهل التواريخ والطبقات من ذلك، وما تقدم من نقل الخلاف عن مشاهير أئمتهم وكتبهم.
الوجه الثاني: أن الإجماع الذي يحتج به هنا لا يكون إلاَّ القطعي دون الظني، ولم يحصُل الظني، كيف القطعي؟ ولكن أين من يعرف شروط القطعِ ويعتبرها بإنصاف؟
الثالث: أن الخصوم من المتكلمين (¬2) من الزيدية لا يلتزمون هذا قطعاً، فقد أجمع أهل البيت عليهم السلام أو أهل عصر منهم (¬3) على أن المعتزلة غيرُ فُسَّاقٍ، مع أنهم قد خالفوا إجماع أهل البيت عليهمُ السلام في بعض مسائلِ الإمامة، وفي التقديم (¬4)، وفي جواز الخلافة في قُريش، وفي أن من سبق بالعقد من سائر بطون قريشٍ انعقدت إمامته، فلو دعا بعده (¬5) أحدٌ من أهل البيت، وحاربه، كان القائم عندهم باغياً فاسقاً، يجب (¬6) حربُه، ويجوز قتله، وإن كان أكبر أئمة الزيدية. هذا مذهبُ المعتزلة بغير شكٍّ، فمع هذا لم يفسِّقْهُم أهلُ البيت عليهم السلام، وقد ذكر غير واحدٍ منهم (¬7) من عُلماء الزيدية في الفروق
¬__________
(¬1) في (ش): " الذي ".
(¬2) " من المتكلمين " ساقطة من (ف).
(¬3) في (ش): " وأهل عصرهم ".
(¬4) في (ش): " التقدم ".
(¬5) في (ش): " دعاه ".
(¬6) في (ش): " يجوز ".
(¬7) " منهم " ساقطة من (د) و (ف).